الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المحلى بالآثار في شرح المجلى بالاختصار **
لاَ يُفْسَخُ النِّكَاحُ بَعْدَ صِحَّتِهِ بِجُذَامٍ حَادِثٍ، وَلاَ بِبَرَصٍ كَذَلِكَ، وَلاَ بِجُنُونٍ كَذَلِكَ، وَلاَ بِأَنْ يَجِدَ بِهَا شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْعُيُوبِ، وَلاَ بِأَنْ تَجِدَهُ هِيَ كَذَلِكَ. وَلاَ بِعِنَانَةٍ، وَلاَ بِدَاءِ فَرْجٍ، وَلاَ بِشَيْءٍ مِنْ الْعُيُوبِ. وَلاَ بِعَدَمِ نَفَقَةٍ، وَلاَ بِعَدَمِ كِسْوَةٍ، وَلاَ بِعَدَمِ صَدَاقٍ، وَلاَ بِانْقِضَاءِ الأَرْبَعَةِ الأَشْهُرِ فِي الْإِيلاَءِ، وَلاَ بِزَوَاجِ أَمَةٍ عَلَى حُرَّةٍ، وَلاَ بِزَوَاجِ حُرَّةٍ عَلَى أَمَةٍ. وَلاَ بِزِنًى يَحْدُثُ مِنْ أَحَدِهِمَا، وَلاَ بِزِنَاهُ بِحَرِيمَتِهَا، كَأُمِّهَا، أَوْ جَدَّتِهَا، أَوْ بِنْتِهَا، أَوْ بِنْتِ ابْنِهَا، أَوْ بِنْتِ ابْنَتِهَا، أَوْ أُخْتِهَا، أَوْ خَالَتِهَا، أَوْ عَمَّتِهَا، وَلاَ بِزِنَاهَا بِابْنِهِ. وَلاَ بِتَفْرِيقِ الْحَكَمَيْنِ، وَبِتَخْيِيرِهِ إيَّاهَا اخْتَارَتْ نَفْسَهَا أَوْلَمَ تَخْتَرْ. وَلاَ بِأَنْ يَقُولَ لَهَا: أَنْتِ حَرَامٌ، أَوْ قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَالْمَيِّتَةِ، وَالْخِنْزِيرِ، وَالدَّمِ. وَلاَ بِهِبَتِهِ إيَّاهَا لأََهْلِهَا قَبِلُوهَا أَوْ لَمْ يَقْبَلُوهَا، وَلاَ بِخُرُوجِهَا مِنْ أَرْضِ الْحَرْبِ غَيْرَ مُسْلِمَةٍ. وَلاَ بِبَيْعِ الأَمَةِ ذَاتِ الزَّوْجِ، وَلاَ بِبَيْعِ الْعَبْدِ ذِي الزَّوْجَةِ. وَلاَ بِفَقْدِ الزَّوْجِ، لأََنَّهُ لاَ يَدْرِي أَيْنَ هُوَ وَهُمَا فِي كُلِّ ذَلِكَ بَاقِيَانِ عَلَى الزَّوْجِيَّةِ كَمَا كَانَ. وَفِي كُلِّ مَا ذَكَرْنَا خِلاَفٌ قَدْ ذَكَرْنَا مِنْهُ مَا شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ نَذْكُرَهُ، وَنَذْكُرُ أَيْضًا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى مَا لَمْ نَذْكُرْهُ قَبْلُ فَمِنْ ذَلِكَ.
رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ سَمِعْت سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: أَيُّمَا امْرَأَةٍ تَزَوَّجَتْ بِهَا جُنُونٌ أَوْ جُذَامٌ أَوْ بَرَصٌ فَدَخَلَ بِهَا فَاطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ، فَلَهَا مَهْرُهَا بِمَسِيسِهِ إيَّاهَا، وَعَلَى الْوَلِيِّ الصَّدَاقُ بِمَا دَلَّسَ كَمَا غَرَّهُ. وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ نَا هُشَيْمٌ أرنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ نَا سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ: أَيُّمَا رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَدَخَلَ بِهَا فَوَجَدَهَا بَرْصَاءَ، أَوْ مَجْنُونَةً، أَوْ مَجْذُومَةً، فَلَهَا الصَّدَاقُ بِمَسِّهِ إيَّاهَا وَيَرْجِعُ عَلَى مَنْ غَرَّهُ بِهَا فَذَهَبَ إلَى هَذَا الأَوْزَاعِيُّ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، فَرَأَيَا جَوَازَ النِّكَاحِ، وَأَنَّ الزَّوْجَ يَرْجِعُ مَعَ ذَلِكَ بِالصَّدَاقِ عَلَى مَنْ غَرَّهُ. وَذَهَبَ قَوْمٌ إلَى فَسَادِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَجَوَازِهِ بَعْدَ الدُّخُولِ، لِمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ نَا سُفْيَانُ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَلِيٍّ: أَيُّمَا امْرَأَةٍ نُكِحَتْ وَبِهَا بَرَصٌ، أَوَجُنُونٌ، أَوْ جُذَامٌ، أَوْ قَرَنٌ، فَزَوْجُهَا بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَمَسَّهَا إنْ شَاءَ أَمْسَكَ، وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ، وَإِنْ مَسَّهَا فَلَهَا الْمَهْرُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا. وَمِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ عَنْ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ: أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَالَ فِي الْمَجْنُونَةِ، وَالْمَجْذُومَةِ، وَالْبَرْصَاءِ، وَذَاتِ الْقَرَنِ: إنْ دَخَلَ بِهَا فَهِيَ امْرَأَتُهُ وَإِنْ عَلِمَ بِهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ حَبِيبٍ حَدَّثَنِي الْحِزَامِيُّ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ وَأَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ، قَالَ إسْمَاعِيلُ عَنْ حُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ضُمَيْرَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَقَالَ الْحِزَامِيُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَالَ أَصْبَغُ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَابْنِ شِهَابٍ وَرَبِيعَةِ، قَالُوا كُلُّهُمْ: لاَ تَرُدُّ النِّسَاءُ إِلاَّ مِنْ الْعُيُوبِ الأَرْبَعَةِ، الْجُنُونُ، وَالْجُذَامُ، وَالْبَرَصُ، وَالدَّاءُ فِي الْفَرْجِ. وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ فِي الَّذِي يَجِدُ امْرَأَتَهُ بَرْصَاءَ، أَوْ مَجْنُونَةً، أَوْ مَجْذُومَةً، أَوْ ذَاتَ قَرَنٍ: إنْ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا مَهْرُهَا، وَإِنْ عَلِمَ قَبْلَ الدُّخُولِ إنْ شَاءَ أَمْسَكَ، وَإِنْ شَاءَ فَارَقَ بِغَيْرِ طَلاَقٍ فَهَذَانِ قَوْلاَنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ إنْ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا مَهْرُهَا، وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى مَنْ غَرَّهُ وَهُوَ قَوْلٌ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ، وَمَرَّةً رُوِيَ عَنْهُ: يَرْجِعُ عَلَى وَلِيِّهَا. وَقَوْلٌ آخَرُ أَنَّهُ يَفْسَخُ إنْ شَاءَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَأَمَّا بَعْدَ الدُّخُولِ فَهِيَ امْرَأَتُهُ، إنْ شَاءَ طَلَّقَ، وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَ وَهُوَ قَوْلٌ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ، وَالشَّعْبِيِّ كَمَا أَوْرَدْنَا، وَرِوَايَةٌ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ الْمُسَيِّبِ، وَالزُّهْرِيُّ، وَرَبِيعَةَ: أَنَّهُ لاَ يُرَدُّ النِّكَاحُ إِلاَّ مِنْ الْعُيُوبِ الأَرْبَعَةِ مِنْ: الْجُنُونِ، وَالْجُذَامِ، وَالْبَرَصِ، وَدَاءِ الْفَرْجِ وَلَمْ يُذْكَرْ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ قَبْلَ دُخُولِهَا، وَلاَ بَعْدَهُ، وَلاَ حُكْمُ الصَّدَاقِ. وَذَهَبَ قَوْمٌ إلَى أَنَّهُ يُخْلَى لَهَا شَيْءٌ مِنْ صَدَاقِهَا: رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ: بَلَغَنَا أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ فِي بَيْعٍ، وَلاَ نِكَاحٍ: الْمَجْنُونَةُ، وَالْمَجْذُومَةُ، وَالْبَرْصَاءُ، وَالْعَفْلاَءُ. قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: فَقُلْت لَهُ: فَوَاقَعَهَا وَبِهَا بَعْضُ الأَرْبَعِ، وَقَدْ عَلِمَ الَّذِي بِهَا فَكَتَمَهُ يَعْنِي وَلِيَّهَا قَالَ: مَا أَرَاهُ إِلاَّ قَدْ غَرِمَ مِنْ صَدَاقِهَا بِمَا أَصَابَ مِنْهَا، إِلاَّ شَيْئًا يَسِيرًا قُلْت: فَأَنْكَحَهَا غَيْرُ وَلِيٍّ قَالَ: تُرَدُّ إلَى صَدَاقِ مِثْلِهَا. وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي عُبَيْدٍ نَا يَزِيدُ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ شُرَيْحٍ: أَنَّهُ كَانَ يُعَوِّضُ الْبَرْصَاءَ شَيْئًا. وَذَهَبَ قَوْمٌ إلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ نِكَاحُ مَنْ بِهَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ. كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ نَا حَمَّادٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: أَرْبَعٌ لاَ يَجُوزُ فِي بَيْعٍ، وَلاَ نِكَاحٍ: الْمَجْذُومَةُ، وَالْمَجْنُونَةُ، وَالْبَرْصَاءُ، وَالْعَفْلاَءُ. وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْيَمَ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: لاَ يَجُوزُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ نِكَاحُ بَرْصَاءَ، وَلاَ مَجْنُونَةٍ، وَلاَ عَفْلاَءَ. وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ إلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ نِكَاحُهَا، فَإِنْ دَخَلَ بِهَا وَوَطِئَهَا جَازَ: كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: أَرْبَعٌ لاَ يَجْزِينَ فِي نِكَاحٍ، وَلاَ بَيْعٍ، إِلاَّ أَنْ يُسَمَّى، فَإِنْ سُمِّيَ فَهِيَ مِنْهُ: الْمَجْنُونَةُ، وَالْمَجْذُومَةُ، وَالْبَرْصَاءُ، وَالْعَفْلاَءُ، فَإِنْ مَسَّهَا جَازَتْ، وَإِنْ غُرَّ. وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ إلَى أَنَّ الْوَلِيَّ إنْ أَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ عَرَفَ ذَلِكَ أُحْلِفَ وَبُرِّئَ وَصَحَّ النِّكَاحُ: كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: إنْ كَانَ الْوَلِيُّ عَلِمَ غَرِمَ، وَإِلَّا اُسْتُحْلِفَ بِاَللَّهِ: مَا عَلِمَ، ثُمَّ هُوَ عَلَى الزَّوْجِ يَعْنِي الصَّدَاقَ. وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أرنا يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ الْحَسَنِ قَالَ: إنْ عَلِمَ الْوَلِيُّ الْعَيْبَ فَالصَّدَاقُ عَلَيْهِ، كَمَا غَرَّهُ مِنْهَا، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَهِيَ امْرَأَتُهُ إنْ شَاءَ طَلَّقَ، وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَ. وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي عُبَيْدٍ ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ عَنْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ عَنْ عَدِيِّ بْنِ عَدِيٍّ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ إلَيْهِ فِي امْرَأَةٍ حَلْقَاءَ تَزَوَّجَهَا رَجُلٌ وَهِيَ الَّتِي فِي فَرْجِهَا عَظْمٌ: إنَّمَا لَهُ مِثْلُ مَدْخَلِ الْمِرْوَدِ تَبُولُ مِنْهُ فَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: إنْ كَانَ الَّذِينَ زَوَّجُوهُ عَلِمُوا الَّذِي بِهَا فَأَغْرِمْهُمْ صَدَاقَهَا لِزَوْجِهَا، وَإِنْ كَانُوا لَمْ يَعْلَمُوهُ فَلَيْسَ عَلَيْهِمْ إِلاَّ أَنْ يَحْلِفُوا: بِاَللَّهِ مَا عَلِمْنَا ذَلِكَ. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ الْمُثَنَّى بْنِ الصَّبَّاحِ: أَنَّ عَدِيَّ بْنَ عَدِيٍّ قَالَ: كَتَبْت إلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي امْرَأَةٍ مُرْتَتِقَةٍ لاَ يَقْدِرُ عَلَيْهَا الرِّجَالُ فَكَتَبَ إلَيَّ: أَنْ اسْتَحْلِفْ الْوَلِيَّ مَا عَلِمَ، فَإِنْ حَلَفَ فَأَجِزْ النِّكَاحَ، وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ فَاحْمِلْ عَلَيْهِ الصَّدَاقَ. وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَذَكَرَ كَلاَمًا مَعْنَاهُ: فِيمَنْ تَزَوَّجَ مَنْ بِهَا جُذَامٌ، أَوْ بَرَصٌ، أَوْ دَاءُ فَرْجٍ: أَنَّ الْوَلِيَّ إنْ حَلَفَ أَنَّهُ مَا عَلِمَ بِذَلِكَ فَلاَ غَرَامَةَ عَلَيْهِ، وَيُرَدُّ عَلَى الزَّوْجِ صَدَاقُهُ، إِلاَّ أَنْ تُعَاضَ هِيَ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ. وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ حَدَّثَنِي عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ سَعِيدٍ الْجَيَشَانِيَّ: أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عِكْرِمَةَ الْمَهْرِيَّ حَدَّثَهُ: أَنَّهُ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَدَخَلَ بِهَا فَرَأَى بِأَصْلِ فَخْذَيْهَا وَضَحًا مِنْ بَيَاضٍ فَقَالَ لَهَا: خُذِي عَلَيْك مِلْحَفَتَك ثُمَّ كَلَّمَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ بْنِ خِذَامٍ، فَكَتَبَ لَهُ إلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَكَتَبَ عُمَرُ فِي ذَلِكَ: أَنْ يَسْتَحْلِفَ الزَّوْجَ فِي الْمَسْجِدِ: بِاَللَّهِ مَا تَلَذَّذَ مِنْهَا بِشَيْءٍ مُذْ رَأَى ذَلِكَ وَيَحْلِفُ إخْوَتُهَا أَنَّهُمْ لَمْ يَعْلَمُوا بِاَلَّذِي بِهَا قَبْلَ أَنْ يُزَوَّجَهَا، فَإِنْ حَلَفُوا فَأَعْطَوْا الْمَرْأَةَ رُبْعَ الصَّدَاقِ. وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ: إلَى أَنَّ الْعَمَى، وَغَيْرَ ذَلِكَ، مِنْ الْعُيُوبِ كَذَلِكَ: كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: إذَا تَزَوَّجَهَا بَرْصَاءَ أَوْ عَمْيَاءَ فَدَخَلَ بِهَا، فَلَهَا الصَّدَاقُ وَيَرْجِع عَلَى مَنْ غَرَّهُ. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: خَاصَمَ رَجُلٌ إلَى شُرَيْحٍ فَقَالَ: إنَّ هَؤُلاَءِ قَالُوا لِي: إنَّا نُزَوِّجُكَ أَحْسَنَ النَّاسِ، فَجَاءُونِي بِامْرَأَةٍ عَمْشَاءَ فَقَالَ شُرَيْحٌ إنْ كَانَ دُلِّسَ لَك بِعَيْبٍ لَمْ يَجُزْ. وَرُوِيَ عَنْ الزُّهْرِيِّ: أَنَّهُ يُرَدُّ النِّكَاحُ مِنْ كُلِّ دَاءٍ عُضَالٍ، وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ قَالَ فِي هَذِهِ الْعُيُوبِ فِي النِّكَاحِ: مَا كَانَ يُشْبِهُهَا. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ. وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ إلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ يُرَدُّ بِذَلِكَ نِكَاحُهَا إذَا وَجَدَتْ فِي زَوْجِهَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نَبَاتٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْبَصِيرِ، حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ الْخُشَنِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ قَالَ: وَجَدَتْ فِي كِتَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ: إذَا عَبِثَ الْمَعْتُوهُ بِامْرَأَتِهِ طَلَّقَ عَلَيْهِ وَلِيُّهُ وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي مَالِكٌ: أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّهُ قَالَ: أَيُّمَا امْرَأَةٍ تَزَوَّجَتْ رَجُلاً بِهِ جُنُونٌ أَوْ ضَرَرٌ، فَإِنَّهَا تُخَيَّرُ، فَإِنْ شَاءَتْ قَرَّتْ، وَإِنْ شَاءَتْ فَارَقَتْ. وقال مالك: تُرَدُّ الْمَرْأَةُ مِنْ الْجُنُونِ، وَالْجُذَامِ، وَالْبَرَصِ، وَدَاءِ الْفَرْجِ إذَا تَزَوَّجَهَا وَلَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ فَإِنْ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا الصَّدَاقُ وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى وَلِيِّهَا إنْ كَانَ أَخًا أَوْ أَبًا بِمَا دَلَّسَا عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ الَّذِي زَوَّجَهَا ابْنُ عَمِّهَا، أَوْ مَوْلًى لاَ عِلْمَ لَهُمْ بِشَيْءٍ مِنْ أَمْرِهَا فَلاَ غُرْمَ عَلَيْهِمْ وَيُرَدُّ الصَّدَاقُ، إِلاَّ قَدْرُ مَا يُسْتَحَلُّ بِهِ مِثْلُهَا، وَهُوَ رُبْعُ دِينَارٍ، فَقَطْ. قَالَ: وَلِلْمَرْأَةِ مِثْلُ ذَلِكَ إذَا تَزَوَّجَهَا وَبِهِ هَذِهِ الأَشْيَاءُ، إذَا كَانَ الْجُذَامُ الَّذِي بِهِ بَيِّنًا، وَلاَ يُفَرَّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الأَبْرَصِ. قَالَ مَالِكٌ: وَلاَ تُرَدُّ إِلاَّ مِنْ الْعُيُوبِ الأَرْبَعَةِ، لاَ تُرَدُّ مِنْ الْعَمَى، وَلاَ مِنْ السَّوَادِ، إِلاَّ أَنْ يُشْتَرَطَ صِحَّتُهَا فَتُرَدُّ، وَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ الصَّدَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ. وَأَمَّا بَعْدَ الدُّخُولِ فَلَهَا الصَّدَاقُ، وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْوَلِيِّ الَّذِي أَنْكَحَهَا، وَكَذَلِكَ إنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى نَسَبٍ فَوَجَدَهَا لِغَيْرِ رِشْدَةٍ. وَقَالَ اللَّيْثُ: فِي الْجُنُونِ، وَالْجُذَامِ، وَالْبَرَصِ، وَدَاءِ الْفَرْجِ، مِثْلَ قَوْلِ مَالِكٍ قَالَ اللَّيْثُ: وَالأَكَلَةُ كَالْجُذَامِ. وقال الشافعي: تُرَدُّ مِنْ الْجُنُونِ، وَالْجُذَامِ، وَالْبَرَصِ، وَالْقَرَنِ، فأما قَبْلَ الدُّخُولِ فَلاَ شَيْءَ لَهَا، وَأَمَّا بَعْدَ الدُّخُولِ فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا. وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ، إِلاَّ، أَنَّهُ قَالَ: لَهَا الْمَهْرُ الْمُسَمَّى. وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ إلَى أَنَّهُ لاَ رَدَّ لَهُ فِيهَا، وَلاَ رَدَّ لَهَا فِيهِ بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْعُيُوبِ، وَلاَ مِنْ غَيْرِهَا لاَ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَلاَ بَعْدَهُ. وَأَنَّهُ إنْ طَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ وَلَهَا بَعْدَ الْوَطْءِ جَمِيعُهُ: كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ " أَيُّمَا رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مَجْنُونَةً أَوْ جَذْمَاءَ أَوْ بَرْصَاءَ أَوْ بِهَا قَرَنٌ فَهِيَ امْرَأَتُهُ، إنْ شَاءَ طَلَّقَ وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَ ". وبه إلى وَكِيعٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، قَالَ: الْحُرَّةُ لاَ تُرَدُّ مِنْ عَيْبٍ. وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ نَا هُشَيْمٌ أرنا الْمُغِيرَةُ عَنْ إبْرَاهِيمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: هِيَ امْرَأَتُهُ إنْ شَاءَ أَمْسَكَ وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ، دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا لَيْسَ الْحَرَائِرُ كَالْإِمَاءِ، الْحُرَّةُ لاَ تُرَدُّ مِنْ دَاءٍ. وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِيمَنْ تَزَوَّجَ فَدُلِّسَ لَهُ فِيهَا بِعَيْبٍ قَالَ: لَيْسَ لَك إِلاَّ أَمَانَةُ أَصْهَارِك. وَمِنْ طَرِيقِ الْحَجَّاجِ بْنِ الْمِنْهَالِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ قَالَ: كَتَبْت إلَى أَبِي قِلاَبَةَ أَسْأَلُهُ عَنْ رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَعَرَضَ لَهَا طِبٌّ أَوْ جُنُونٌ قَالَ: هَذِهِ امْرَأَةٌ اُبْتُلِيَتْ فَلْتَصْبِرْ وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ :، أَنَّهُ قَالَ فِيمَنْ تَزَوَّجَ فَلَمَّا دَخَلَ بِهَا بَدَا لَهَا مِنْهُ بَرَصٌ أَوْ جُذَامٌ قَالَ عَطَاءٌ: لاَ تَنْزِعُ عَنْهُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي الزِّنَادِ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ، وَأَصْحَابِنَا. قال أبو محمد: أَمَّا الْمَالِكِيُّونَ، وَالشَّافِعِيُّونَ، فَقَدْ خَالَفُوا كُلَّ مَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ عَنْ الصَّحَابَةِ، رضي الله عنهم،: أَمَّا عُمَرُ فَخَالَفُوهُ فِي خَمْسَةِ مَوَاضِعَ: أَوَّلُهَا حُكْمُ عُمَرَ أَنْ يَرْجِعَ بِصَدَاقِهَا عَلَى وَلِيِّهَا فَقَالَ لَك: لاَ يَرْجِعُ عَلَى وَلِيِّهَا إِلاَّ أَنْ يَكُونَ أَبًا أَوْ أَخًا، فَإِنْ كَانَ ابْنَ عَمٍّ أَوْ مَوْلًى لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ وقال الشافعي: لاَ يَرْجِعُ عَلَى وَلِيِّهَا بِشَيْءٍ أَبًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ. وَثَانِيهَا قَوْلُ مَالِكٍ: لَيْسَ لَهَا إنْ دَخَلَ بِهَا وَكَانَ الْمُزَوِّجُ لَهَا غَيْرَ أَبِيهَا وَأَخِيهَا إِلاَّ رُبُعُ دِينَارٍ، فَقَطْ. وقال الشافعي: تُرَدُّ إلَى صَدَاقِ مِثْلِهَا وَعُمَرُ يُمْضِيهِ كُلَّهُ لَهَا. وَثَالِثُهَا أَنَّهُمْ لاَ يَرُدُّونَ مِنْ الْعَمَى وَعُمَرُ قَدْ سَوَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَرَصِ بِالرِّوَايَةِ الَّتِي جَاءَتْ عَنْهُ: أَنَّهُ رَدَّ بِالْجُذَامِ، وَبِالْجُنُونِ، وَالْبَرَصِ، فَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ حُجَّةً فَهَذِهِ حُجَّةٌ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ هَذِهِ حُجَّةً فَتِلْكَ لَيْسَتْ حُجَّةً، وَإِلَّا فَهُوَ تَلاَعُبٌ بِالدِّينِ. فَإِنْ قَالُوا: لَمْ تَبْلُغْ تِلْكَ الرِّوَايَةُ مَالِكًا، وَالشَّافِعِيَّ قلنا: فَقَدْ بَلَغَتْكُمْ فَقُولُوا بِهَا وَارْجِعُوا عَنْ تِلْكَ، وَإِلَّا فَاحْتِجَاجُكُمْ بِعُمَرَ تَلاَعُبٌ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لاَ تَفْعَلُونَ. وَرَابِعُهَا أَنَّهُمْ يَرُدُّونَ النِّكَاحَ بِذَلِكَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَلَمْ يَأْتِ بِذَلِكَ عَنْ عُمَرَ فِي شَيْءٍ مِنْ الرِّوَايَاتِ إِلاَّ رِوَايَةٌ مَكْذُوبَةٌ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ حَبِيبٍ وَهُوَ هَالِكٌ عَنْ أَصْبَغَ بْنِ الْفَرَجِ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ عُمَرَ. وَإِنَّمَا جَاءَتْ سَائِرُ الرِّوَايَاتِ بِرُجُوعِهِ بِالصَّدَاقِ عَلَى وَلِيِّهَا فَقَطْ كَمَا يَقُولُ الأَوْزَاعِيُّ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ. وَخَامِسُهَا أَنَّهُ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ، كَمَا أَوْرَدْنَا فِي الْمَعْتُوهِ يَعْبَثُ بِامْرَأَتِهِ أَنَّهُ يُطَلِّقُهَا مِنْهُ وَلِيُّهُ وَهُمْ لاَ يَقُولُونَ بِهَذَا. فَمَنْ أَقْدَمَ عَلَى خِلاَفِ عُمَرَ فِي خَمْسَةِ مَوَاضِعَ أَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يُقَلِّدَ عُمَرَ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ مِمَّا جَاءَ عَنْهُ، وَهُوَ الرُّجُوعُ عَلَى بَعْضِ الأَوْلِيَاءِ وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَلاَ، وَلاَ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ. وَأَمَّا عَلِيٌّ رضي الله عنه فَإِنَّمَا جَاءَتْ عَنْهُ ثَلاَثُ رِوَايَاتٍ: إحْدَاهَا أَنَّهُ لاَ رَدَّ لَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُنَا. وَالثَّانِيَةُ مِنْ تِلْكَ الطَّرِيقِ: أَنَّهُ مُخَيَّرٌ قَبْلَ الدُّخُولِ بَيْنَ فَسْخٍ أَوْ إمْضَاءٍ، وَأَنَّهُ لاَ خِيَارَ لَهُ بَعْدَ الدُّخُولِ، وَهِيَ امْرَأَتُهُ إنْ شَاءَ طَلَّقَ وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَ. وَهُوَ قَوْلُ الأَوْزَاعِيِّ عَنْ الشَّعْبِيِّ. وَرِوَايَةٌ ثَالِثَةٌ فِي غَايَةِ السُّقُوطِ، لأََنَّهَا عَنْ الْحُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ضُمَيْرَةَ، وَلاَ تَجُوزْ الرِّوَايَةُ عَنْهُ أَنَّ النِّكَاحَ مَرْدُودٌ جُمْلَةً. وَالْمَالِكِيُّونَ، وَالشَّافِعِيُّونَ مُخَالِفُونَ لِجَمِيعِ هَذِهِ الأَقْوَالِ. وَأَمَّا ابْنُ عَبَّاسٍ فَهِيَ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ حَبِيبٍ وَهُوَ هَالِكٌ وَإِنَّمَا فِيهِ أَيْضًا: رَدُّ النِّكَاحِ جُمْلَةً دُونَ ذِكْرِ صَدَاقٍ أَوْ شَيْءٍ مِنْهُ. فَبَطَلَ تَعَلُّقُ هَاتَيْنِ الطَّائِفَتَيْنِ بِشَيْءٍ مِمَّا رُوِيَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ فِي ذَلِكَ وَلاَحَ خِلاَفُهُمْ لَهُ جُمْلَةً وَقَدْ أَتَيْنَا مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ فِي ذَلِكَ بِمَا لاَ يُحْفَظُ عَنْ أَحَدٍ قَبْلَهُمَا، فَمِنْ ذَلِكَ: قَوْلُ مَالِكٍ تُرَدُّ إلَى رُبُعِ دِينَارٍ، وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ تُرَدُّ إلَى صَدَاقِ مِثْلِهَا. وَبَقِيَ الْكَلاَمُ مَعَ مَنْ لَعَلَّهُ يَتَعَلَّقُ فِي ذَلِكَ بِمَا رُوِيَ عَمَّنْ ذَكَرْنَا مِنْ الصَّحَابَةِ، رضي الله عنهم، فَأَوَّلُ ذَلِكَ: أَنَّهُ لاَ يَصِحُّ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَأَمَّا الرِّوَايَةُ عَنْ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ فَمُنْقَطِعَةٌ، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ طَرِيقٍ لاَ خَيْرَ فِيهِ ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَكَانَ لاَ حُجَّةَ فِيهِ، لأََنَّهُ لاَ حُجَّةَ فِي قَوْلِ أَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ اخْتِلاَفِ تِلْكَ الرِّوَايَاتِ عَلَى انْقِطَاعِهَا فَقَدْ جَاءَ عَنْ عَلِيٍّ مَا يُوَافِقُ قَوْلَنَا، فَلَيْسَ مَا رُوِيَ مِنْ خِلاَفِ ذَلِكَ حُجَّةً، إنَّمَا هُوَ قَوْلٌ كَقَوْلٍ. وَوَجَدْنَا بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْهُمْ قَدْ احْتَجَّ فِي ذَلِكَ بِأَنَّ النِّكَاحَ يُشْبِهُ الْبُيُوعَ، وَالْبُيُوعُ تُرَدُّ بِالْعُيُوبِ، فَوَجَبَ رَدُّ النِّكَاحِ بِذَلِكَ. قال أبو محمد: وَهَذَا قَوْلٌ لاَ يَسُوغُ التَّمْوِيهُ بِهِ إِلاَّ لِمَنْ قَالَ بِقَوْلِ أَبِي ثَوْرٍ وَالزُّهْرِيِّ، وَشُرَيْحٍ وَأَمَّا الْمَالِكِيُّونَ وَالشَّافِعِيُّونَ فَلاَ، لأََنَّهُمْ خَصُّوا أَرْبَعَةَ عُيُوبٍ دُونَ سَائِرِ الْعُيُوبِ، وَهَذَا تَرْكٌ لِلْقِيَاسِ الْمَذْكُورِ جُمْلَةً. ثم نقول لِمَنْ قَالَ بِقَوْلِ أَبِي ثَوْرٍ: مَا نَدْرِي فِي أَيِّ وَجْهٍ يُشْبِهُ النِّكَاحُ الْبُيُوعَ بَلْ هُوَ خِلاَفُهُ جُمْلَةً: لأََنَّ الْبَيْعَ نَقْلُ مِلْكٍ، وَلَيْسَ فِي النِّكَاحِ مِلْكٌ أَصْلاً. وَالنِّكَاحُ جَائِزٌ بِغَيْرِ ذِكْرِ صَدَاقٍ فِي عَقْدِهِ، وَلاَ يَجُوزُ الْبَيْعُ بِغَيْرِ ذِكْرِ ثَمَنٍ. وَالْخِيَارُ جَائِزٌ عِنْدَهُمْ فِي الْبَيْعِ مُدَّةً مُسَمَّاةً، وَلاَ يَجُوزُ فِي النِّكَاحِ. وَالْبَيْعُ بِتَرْكِ رُؤْيَةِ الْمَبِيعِ، وَتَرْكِ وَصْفِهِ بَاطِلٌ لاَ يَجُوزُ أَصْلاً. وَالنِّكَاحُ بِتَرْكِ رُؤْيَةِ الْمَنْكُوحَةِ وَتَرْكُ وَصْفِهَا جَائِزٌ. وَالنِّكَاحُ عِنْدَ الْمَالِكِيِّينَ جَائِزٌ عَلَى بَيْتٍ وَخَادِمٍ وَوُصَفَاءَ غَيْرِ مَوْصُوفِينَ، وَلاَ يَجُوزُ ذَلِكَ فِي الْبُيُوعِ فَبَطَلَ تَشْبِيهُ النِّكَاحِ بِالْبَيْعِ جُمْلَةً. قَالَ بَعْضُهُمْ: لاَ يَجُوزُ تَوْفِيَةُ حُقُوقِ النِّكَاحِ مَعَ الْجُنُونِ، وَلاَ تَطِيبُ النَّفْسُ عَلَى مُجَامَعَةِ بَرْصَاءَ، أَوْ مَجْذُومَةٍ، وَلاَ يَقْدِرُ عَلَى جِمَاعِ قَرْنَاءَ، إنَّمَا تَزَوَّجَهَا لِلْجِمَاعِ . فَقُلْنَا: وَلاَ تَجُوزُ تَوْفِيَةُ حُقُوقِ النِّكَاحِ مَعَ الْفِسْقِ وَالنَّشَزِ وَسُوءِ الْخُلُقِ، وَمَعَ الْبُكْمِ وَالصُّمِّ، وَمَعَ ضَعْفِ الْعَقْلِ، فَرَدُّوا مِنْهَا فَإِنْ قَالُوا: قَدْ يَتُوبُ مِنْ الْفِسْقِ قلنا: وَقَدْ يَبْرَأُ مِنْ الْجُنُونِ. وَأَمَّا طِيبُ النَّفْسِ عَلَى الْجِمَاعِ، فَوَاَللَّهِ إنَّ نَفْسَ كُلِّ أَحَدٍ لاَ تَطِيبُ عَلَى مَنْ بِهَا فِي خَافِي جَسَدِهَا لَمْعَةٌ مِنْ بَرَصٍ، وَمَنْ يَمَسُّهَا صَرْعٌ فِي الشَّهْرِ مَرَّةً، مِنْهَا عَلَى الزَّانِيَةِ، وَعَلَى الْعَجُوزِ السَّوْدَاءِ الشَّوْهَاءِ، وَعَلَى مَنْ بِهَا أَكَلَةٌ فِي وَجْهِهَا، أَوْ أُثْلُولٌ ضَخْمٌ، أَوْ حُدْبٌ فِي الصَّدْرِ، أَوْ الظَّهْرِ، أَوْ بَكَمٌ هَذَا مَا لاَ شَكَّ فِيهِ عِنْدَ أَحَدٍ. وَكُلُّ هَذِهِ آرَاءٌ فَاسِدَةٌ، إنَّمَا هُوَ النِّكَاحُ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، ثَمَّ إمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ، إِلاَّ أَنْ يَأْتِيَ نَصٌّ صَحِيحٌ فَيُوقَفُ عِنْدَهُ. وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ الْخَبَرَ الَّذِي فِيهِ وَفِرَّ مِنْ الْمَجْذُومِ فِرَارَكَ مِنْ الأَسَدِ . قلنا: لَيْسَ عَلَى الأَمْرِ بِالْفِرَارِ، ثُمَّ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ فَافْسَخُوا النِّكَاحَ بِحُدُوثِهِ بَعْدَهُمَا بَعْدَ سِنِينَ وَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ هَذَا. وَأَيْضًا فَمِنْ أَيْنَ أَضَفْتُمْ إلَيْهِ الأَبْرَصَ . وقال بعضهم: لاَ يُؤْمَنُ مِنْ الْمَجْنُونِ قَتْلُ صَاحِبِهِ . قلنا: هَذَا فِي الْفَاسِقِ بِلاَ شَكٍّ أَخْوَفُ، فَرُدُّوا النِّكَاحَ بِالْفِسْقِ فَلاَحَ فَسَادُ قَوْلِهِمْ جُمْلَةً. فَإِنْ مَوَّهَ مُمَوِّهٌ بِمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ، حَدَّثَنَا جَمِيلُ بْنُ زَيْدٍ الطَّائِيُّ عَنْ زَيْدِ بْنِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ قَالَ: تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْرَأَةً مِنْ بَنِي غِفَارٍ فَلَمَّا دَخَلَتْ عَلَيْهِ وَوَضَعَتْ ثِيَابَهَا رَأَى بِكَشْحِهَا بَيَاضًا فَقَالَ: الْبَسِي ثِيَابَك وَالْحَقِي بِأَهْلِكِ. قَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ: فَحَدَّثَنَا رَجُلٌ عَنْ جَمِيلِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ لَهَا بِالصَّدَاقِ. قال أبو محمد: هَذَا مِنْ رِوَايَةِ جَمِيلِ بْنِ زَيْدٍ وَهُوَ مُطْرَحٌ مَتْرُوكٌ جُمْلَةً عَنْ زَيْدِ بْنِ كَعْبٍ وَهُوَ مَجْهُولٌ لاَ يُعْلَمُ لِكَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ وَلَدٌ اسْمُهُ زَيْدٌ. ثُمَّ هُوَ مُرْسَلٌ ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَمْ يَكُنْ مُخَالِفًا لِقَوْلِنَا، لأََنَّنَا لاَ نَمْنَعُ الزَّوْجَ مِنْ الطَّلاَقِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ إنْ شَاءَ. قال أبو محمد: فَإِنْ اشْتَرَطَا السَّلاَمَةَ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ فَوَجَدَ عَيْبًا أَيَّ عَيْبٍ كَانَ فَهُوَ نِكَاحٌ مَفْسُوخٌ مَرْدُودٌ لاَ خِيَارَ لَهُ فِي إجَازَتِهِ، وَلاَ صَدَاقَ فِيهِ، وَلاَ مِيرَاثَ، وَلاَ نَفَقَةَ دَخَلَ أَوْ لَمْ يَدْخُلْ لأََنَّ الَّتِي أُدْخِلَتْ عَلَيْهِ غَيْرَ الَّتِي تَزَوَّجَ، وَلأََنَّ الْمُسَالِمَةَ غَيْرُ الْمَعِيبَةِ بِلاَ شَكٍّ، فَإِذَا لَمْ يَتَزَوَّجْهَا فَلاَ زَوْجِيَّةَ بَيْنَهُمَا. قال أبو محمد: وَأَمَّا الْحَنَفِيُّونَ فَقَدْ تَنَاقَضُوا هَاهُنَا، لأََنَّهُمْ قَلَّدُوا رِوَايَاتٍ لاَ تَصِحُّ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ فِي الْفَسْخِ بِالْعِنَانَةِ، وَتَوْرِيثِ الْمُطَلَّقَةِ ثَلاَثًا وَهَذِهِ رِوَايَاتٌ كَتِلْكَ عَنْ عُمَرَ، وَالْخِلاَفُ هُنَالِكَ مَوْجُودٌ كَمَا هُوَ هَاهُنَا، وَلاَ فَرْقَ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
وَأَمَّا مَنْ فُسِخَ النِّكَاحُ بِزِنَاهُ بِحَرِيمَتِهَا، أَوْ بِزِنَا ابْنِهِ بِهَا: فَلِ مَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ الأَغَرِّ بْنِ الصَّبَّاحِ عَنْ خَلِيفَةَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ أَبِي نَصْرٍ "، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَجُلاً قَالَ لَهُ: إنَّهُ أَصَابَ أُمَّ امْرَأَتِهِ فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَحَرُمَتْ عَلَيْك امْرَأَتُك " وَذَلِكَ بَعْدَ أَنْ وَلَدَتْ امْرَأَتُهُ سَبْعَةَ أَوْلاَدٍ بَلَغَ مَبْلَغَ الرِّجَالِ. وَمِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ، أَنَّهُ قَالَ: مَنْ فَجَرَ بِأُمِّ امْرَأَتِهِ فَقَدْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ فَصَحَّ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عَطَاءٍ، وَالْحَسَنِ، وَالْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَالشَّعْبِيِّ. وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: إذَا قَبَّلَهَا أَوْ لاَمَسَهَا، أَوْ نَظَرَ إلَى فَرْجِهَا مِنْ شَهْوَةٍ: حَرُمَتْ عَلَيْهِ أُمُّهَا وَابْنَتُهَا. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ. وَصَحَّ عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، إذَا زَنَى بِأُخْتِ امْرَأَتِهِ: حَرُمَتْ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ. وَصَحَّ أَيْضًا عَنْ قَتَادَةَ وَلَمْ يَرَهَا تُرْجَمُ إِلاَّ بِالْوَطْءِ، لاَ بِالْمُبَاشَرَةِ. وَصَحَّ أَيْضًا عَنْ طَاوُوس وَرُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَالأَوْزَاعِيِّ، وَأَحَدُ قَوْلَيْ مَالِكٍ، وَقَالَ آخَرُونَ: لاَ تَحْرُمُ عَلَيْهِ، صَحَّ ذَلِكَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ، وَالْحَجَّاجِ بْنِ الْمِنْهَالِ، قَالَ يَحْيَى :، حَدَّثَنَا هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ وَقَالَ الْحَجَّاجُ :، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ثُمَّ اتَّفَقَ هِشَامٌ، وَحَمَّادٌ، كِلاَهُمَا عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ :، أَنَّهُ قَالَ فِيمَنْ زَنَى بِأُمِّ امْرَأَتِهِ بَعْدَ أَنْ دَخَلَ بِامْرَأَتِهِ: تَخَطَّأَ حُرْمَتَيْنِ وَلَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ. وَمِنْ طَرِيقِ الْحَجَّاجِ بْنِ الْمِنْهَالِ، حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَلاَلِ بْنِ أَبِي الْحَلاَلِ الْعَتَكِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ " أَنَّهُ أَتَاهُ رَجُلٌ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ تَزَوَّجَ ابْنَةَ رَجُلٍ مُسَمَّاةً بِعَيْنِهَا فَأَدْخَلَ عَلَيْهِ أُخْتَهَا فَأَمَرَهُ بِرَدِّ الَّتِي أُدْخِلَتْ عَلَيْهِ، وَأَنْ يُدْخِلَ عَلَيْهِ الَّتِي تَزَوَّجَتْ، وَأَنْ لاَ يَقْرَبَهَا حَتَّى تَتِمَّ عِدَّةُ الَّتِي أُدْخِلَتْ عَلَيْهِ أَوَّلاً. وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ هُشَيْمٍ خَبَرًا غَيْرَ هَذَا، كَمَا أَوْرَدْنَاهُ، ثُمَّ قَالَ بِإِثْرِهِ: أرنا يُونُسُ عَنْ الْحَسَنِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ. وَحَدَّثَنَا عُبَيْدَةُ عَنْ إبْرَاهِيمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ. قال أبو محمد: وَأَنَا اتَّهَمْت هَذِهِ الرِّوَايَةَ عَنْ إبْرَاهِيمَ. وَرُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَمُجَاهِدٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ. وَصَحَّ عَنْ الزُّهْرِيِّ، وَيَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ. وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ، وَأَصْحَابِهِمَا وَأَحَدُ قَوْلَيْ مَالِكٍ. وَقَدْ تَقَدَّمَ كَلاَمُنَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَأَغْنَى عَنْ تَرْدَادِهِ.
وَمَنْ خَيَّرَ امْرَأَتَهُ فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا، أَوْ اخْتَارَتْ الطَّلاَقَ، أَوْ اخْتَارَتْ زَوْجَهَا، أَوْ لَمْ تَخْتَرْ شَيْئًا، فَكُلُّ ذَلِكَ لاَ شَيْءَ، وَكُلُّ ذَلِكَ سَوَاءٌ، وَلاَ تَطْلُقُ بِذَلِكَ، وَلاَ تُحَرَّمُ عَلَيْهِ، وَلاَ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ حُكْمٌ، وَلَوْ كَرَّرَ التَّخْيِيرَ وَكَرَّرَتْ هِيَ اخْتِيَارَ نَفْسِهَا، أَوْ اخْتِيَارَ الطَّلاَقِ أَلْفَ مَرَّةٍ. وَكَذَلِكَ إنْ مَلَّكَهَا أَمْرَ نَفْسِهَا، أَوْ جَعَلَ أَمْرَهَا بِيَدِهَا، وَلاَ فَرْقَ. فَصَحَّ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَابْنِ مَسْعُودٍ فِيمَنْ جَعَلَ أَمْرَ امْرَأَتِهِ بِيَدِهَا فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا ثَلاَثًا، أَوْ طَلَّقَتْهُ ثَلاَثًا: أَنَّهَا طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ. وَصَحَّ أَيْضًا عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَعَنْ مُجَاهِدٍ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَقَوْلٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ الْقَضَاءَ مَا قَضَتْ: صَحَّ ذَلِكَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ. وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ. وَمِنْ طَرِيقِ غَيْرِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ. وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ عُمَرَ مُنْقَطِعًا عَنْهُمَا وَصَحَّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ. وَصَحَّ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، وَعَائِشَةَ: أُمَّيْ الْمُؤْمِنِينَ، وَقَرِيبَةَ أُخْتِ أُمِّ سَلَمَةَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ: إنْ جُعِلَ أَمْرُهَا بِيَدِهَا فَرَدَّتْهُ إلَى زَوْجِهَا فَهِيَ امْرَأَتُهُ كَمَا كَانَتْ. وَقَوْلٌ ثَالِثٌ إنْ اخْتَارَتْ الْفِرَاقَ أَوْ نَفْسَهَا: فَهِيَ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ، وَإِنْ رَدَّتْهُ إلَى زَوْجِهَا فَاخْتَارَتْهُ، فَهِيَ طَلْقَةٌ رَجْعِيَّةٌ صَحَّ عَنْ عَلِيٍّ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَرِجَالٍ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَعَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ. وَقَوْلٌ رَابِعٌ أَنَّ الْقَضَاءَ مَا قَضَتْ، وَلَهُ أَنْ يُنَاكِرَهَا، فَيَحْلِفَ وَيُقْضَى لَهُ بِمَا حَلَفَ أَنَّهُ نَوَاهُ، وَتَكُونُ طَلْقَةً رَجْعِيَّةً: رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَلَمْ يَصِحَّ وَصَحَّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَصَحَّ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَمَرْوَانَ. وَقَوْلٌ خَامِسٌ وَهُوَ ثَلاَثٌ بِكُلِّ حَالٍ صَحَّ عَنْ الْحَسَنِ، وَعَنْ رِجَالٍ مِنْ الصَّحَابَةِ، رضي الله عنهم، وَفِيهِ أَثَرٌ مُسْنَدٌ. وَقَوْلٌ سَادِسٌ مَنْ جَعَلَ أَمْرَ امْرَأَتِهِ بِيَدِ آخَرَ فَطَلَّقَهَا فَلَيْسَ بِشَيْءٍ، رُوِيَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ. وَقَوْلٌ سَابِعٌ مَنْ قَالَ لأَمْرَأَتِهِ: أَمْرُك بِيَدِك فَقَالَ: قَدْ حَرُمْت عَلَيْك، قَدْ حَرُمْت عَلَيْك: فَهِيَ وَاحِدَةٌ رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَلَيْسَ يَصِحُّ عَنْهُ. وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ الشَّعْبِيِّ: أَنَّ أَمْرَكِ بِيَدِكِ، وَاخْتَارِي نَفْسَكِ سَوَاءٌ، فِي قَوْلِ زَيْدٍ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَعَلِيٍّ وَصَحَّ عَنْ الشَّعْبِيِّ: أَنَّهُ قَوْلُهُ، وَعَنْ النَّخَعِيِّ. وَأَمَّا الْمُتَأَخِّرُونَ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ قَالَ: أَمْرُك بِيَدِك، وَالتَّمْلِيكُ، وَالتَّخْيِيرُ سَوَاءٌ، فَإِذَا مَلَّكَهَا أَمْرَهَا، أَوْ قَالَ: اخْتَارِي، أَوْ قَالَ: أَمْرُك بِيَدِك، ثُمَّ قَالَ: لَمْ أَنْوِ طَلاَقًا؛ فَإِنْ كَانَ فِي غَضَبٍ فِيهِ ذِكْرُ طَلاَقٍ، أَوْ لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ طَلاَقٍ: لَمْ يُصَدَّقْ، وَإِنْ كَانَ فِي رِضًا لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ مِمَّا تَقْضِي بِهِ هِيَ، فَإِنْ كَانَ فِي غَضَبٍ فَرَدَّتْ إلَيْهِ أَمْرَهَا فَلاَ شَيْءَ وَهِيَ امْرَأَتُهُ فَلَوْ كَانَ فِي غَضَبٍ فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا لَمْ يُلْتَفَتْ لِمَا قَالَتْ، لَكِنْ هُوَ يُسْأَلُ عَنْ نِيَّتِهِ فَإِنْ قَالَ: نَوَيْت الثَّلاَثَ، فَهِيَ طَالِقٌ ثَلاَثًا، إِلاَّ فِي اخْتَارِي، فَإِنَّهَا لاَ تَكُونُ إِلاَّ وَاحِدَةً بَائِنَةً سَوَاءً نَوَى ذَلِكَ أَوْ أَقَلَّ أَوْ نَوَى طَلاَقًا رَجْعِيًّا أَوْ لَمْ يَنْوِهِ وَإِنْ قَالَ: نَوَيْت اثْنَتَيْنِ، أَوْ قَالَ: نَوَيْت الطَّلاَقَ بِلاَ عَدَدٍ، أَوْ قَالَ: نَوَيْت وَاحِدَةً بَائِنَةً، أَوْ قَالَ: نَوَيْت وَاحِدَةً رَجْعِيَّةً، أَوْ قَالَ: لَمْ أَنْوِ طَلاَقًا أَصْلاً فَكُلُّ هَذَا سَوَاءٌ، وَلاَ يَلْزَمُهُ فِي كُلِّ ذَلِكَ إِلاَّ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ، وَلاَ بُدَّ فَاعْلَمُوا أَنَّ كُلَّ مَا مَوَّهَ بِهِ عَنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، رضي الله عنهم، فَبَاطِلٌ، وَأَنَّهُ فِي قَوْلِهِ هَذَا لَمْ يُوَافِقْ أَحَدًا مِنْهُمْ وَهُوَ قَوْلٌ مَا سُبِقَ إلَيْهِ، وَلَمْ يُعْرَفْ عَنْ أَحَدٍ قَبْلَهُ، وَلاَ دَلِيلَ لَهُ عَلَى شَيْءٍ مِنْهُ، لاَ مِنْ نَصٍّ، وَلاَ مِنْ قِيَاسٍ، وَلاَ مِنْ قَوْلٍ يُعْقَلُ. وَأَمَّا مَالِكٌ فَقَالَ: أَمْرُك بِيَدِك وَالتَّمْلِيكُ سَوَاءٌ. قَالَ: وَمَنْ قَالَ: لأَمْرَأَتِهِ أَمْرُكِ بِيَدِكِ فَقَالَتْ: قَدْ قَبِلْت؛ فَقَدْ طَلُقَتْ، إِلاَّ أَنْ تَقُولَ هِيَ: لَمْ أُرِدْ طَلاَقًا قَالَ: فَلَوْ جَعَلَ أَمْرَ امْرَأَتِهِ بِيَدِ امْرَأَةٍ لَهُ أُخْرَى فَطَلَّقَتْهَا ثَلاَثًا، فَهِيَ طَالِقٌ ثَلاَثًا، وَلَهُ أَنْ يُنَاكِرَهَا فَيَقُولَ: لَمْ أُرِدْ إِلاَّ وَاحِدَةً، أَوْ يَقُولَ: لَمْ أُرِدْ إِلاَّ اثْنَتَيْنِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ، وَتَكُونُ وَاحِدَةً بَائِنَةً. قَالَ: فَلَوْ قَالَ لأَمْرَأَتِهِ: قَدْ وَلَّيْتُكِ أَمْرَكِ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَقَالَتْ هِيَ: قَدْ فَارَقْتُك إنْ شَاءَ اللَّهُ، فَهُوَ طَلاَقٌ فَلَوْ قَالَ لَهَا: مَا كُنْت إِلاَّ لاَعِبًا، أَوْ قَالَتْ هِيَ: مَا كُنْت إِلاَّ لاَعِبَةً مَا أَرَدْنَا طَلاَقًا، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّجُلِ مَعَ يَمِينِهِ. قَالَ: فَلَوْ قَالَ لَهَا: أَمْرُك بِيَدِك فَأَخَذَتْ شُقَّةً وَمَضَتْ إلَى أَهْلِهَا وَخَرَجَ هُوَ إلَى سَفَرٍ وَلَمْ يَكُنْ غَيْرَ هَذَا، قَالُوا: قَدْ طَلُقَتْ. فَلَوْ قَالَ: أَمْرُك بِيَدِك، أَوْ مَلَّكَهَا فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا وَاحِدَةً، فَقَالَ هُوَ: لَمْ أَنْوِ إِلاَّ ثَلاَثًا، لَمْ يَلْزَمْهُ إِلاَّ وَاحِدَةٌ فَاعْلَمُوا أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ أَيْضًا غَيْرُ مُوَافِقٍ لِقَوْلِ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَلاَ مِنْ التَّابِعِينَ إِلاَّ رِوَايَةً عَنْ عُمَرَ لَمْ تَصِحَّ: رُوِّينَاهَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَاشِدٍ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ أَبِي أُمَيَّةَ أَنَّ رَجُلاً جَعَلَ أَمْرَ امْرَأَتِهِ بِيَدِهَا فِي زَمَانِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا ثَلاَثًا، فَقَالَ هُوَ: وَاَللَّهِ مَا جَعَلْت أَمْرَهَا إِلاَّ وَاحِدَةً فَتَرَافَعَا إلَى عُمَرَ، فَاسْتَحْلَفَهُ عُمَرُ " بِاَللَّهِ الَّذِي لاَ إلَهَ إِلاَّ هُوَ مَا جَعَلْت أَمْرَهَا بِيَدِهَا إِلاَّ وَاحِدَةً فَحَلَفَ فَرَدَّهَا عُمَرُ عَلَيْهِ. مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ مُتَكَلَّمٌ فِيهِ، وَعَبْدُ الْكَرِيمِ أَبُو أُمَيَّةَ غَيْرُ ثِقَةٍ وَلَمْ يُدْرِكْ عُمَرَ وَالصَّحِيحُ عَنْ عُمَرَ خِلاَفُ ذَلِكَ كَمَا ذَكَرْنَا مِنْ أَقْوَالِهِ وَالأَسَانِيدُ فِي ذَلِكَ قَدْ ذَكَرْنَاهَا فِي " كِتَابِ الْإِيصَالِ " وَإِنَّمَا قَصَدْنَا هَاهُنَا الأَخْتِصَارَ وَأَمَّا سَائِرُ تَقَاسِيمِهِ فَلاَ سَلَفَ لَهُ فِيهَا. وَأَيْضًا فَإِنَّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ عَنْ عُمَرَ خَالَفَهُ فِيهَا، لأََنَّ عُمَرَ جَعَلَهَا رَجْعِيَّةً، وَجَعَلَهَا مَالِكٌ بَائِنَةً، فَخَرَجَ عَنْ قَوْلِ جَمِيعِهِمْ. وَكَذَلِكَ أَيْضًا جَعَلَهَا مَرْوَانُ، وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ رَجْعِيَّةً. وَقَدْ رُوِّينَا ذَلِكَ أَيْضًا مِنْ طَرِيقٍ ثَابِتَةٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ يَعْنِي الْمُنَاكَرَةَ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ. فَصَحَّ أَنَّهُ رَأْيٌ مُجَرَّدٌ لاَ دَلِيلَ عَلَيْهِ، لاَ مِنْ نَصٍّ، وَلاَ مِنْ قَوْلٍ مُتَقَدِّمٍ، وَلاَ مِنْ قِيَاسٍ، وَلاَ مِنْ رَأْيٍ يُعْقَلُ. وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ: هُوَ مَا نَوَى، فَإِنْ قَالَ: لَمْ أَنْوِ طَلاَقًا فَهُوَ كَمَا قَالَ وَكَذَلِكَ إنْ رَدَّتْ الأَمْرَ إلَيْهِ فَإِنْ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا، أَوْ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَأَيَّ شَيْءٍ قَالَتْ لَمْ يَلْزَمْهُ إِلاَّ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ فَقَطْ وَهَكَذَا قَالاَ فِي التَّخْيِيرِ، وَالتَّمْلِيكِ. قال أبو محمد: وَكُلُّ هَذِهِ الأَقَاوِيلِ آرَاءٌ لاَ دَلِيلَ عَلَى صِحَّةِ شَيْءٍ مِنْهَا وَقَدْ تَقَصَّيْنَا مَنْ رُوِيَ عَنْهُ مِنْ الصَّحَابَةِ، رضي الله عنهم، أَنَّهُ يَقَعُ بِهِ طَلاَقٌ، فَلَمْ يَكُونُوا بَيْنَ مَنْ صَحَّ عَنْهُ وَمَنْ لَمْ يَصِحَّ عَنْهُ إِلاَّ سَبْعَةً، ثُمَّ قَدْ اخْتَلَفُوا كَمَا تَرَى، وَلَيْسَ قَوْلُ بَعْضِهِمْ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ بَعْضٍ، وَلاَ أَثَرَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا إِلاَّ أَثَرًا: رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ أرنا عَلِيُّ بْنُ نَصْرٍ الْجَهْضَمِيُّ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: قُلْت لأََيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ: هَلْ عَلِمْت أَحَدًا قَالَ فِي أَمْرِك بِيَدِك أَنَّهَا ثَلاَثٌ غَيْرَ الْحَسَنِ قَالَ: لاَ، اللَّهُمَّ غُفْرًا إِلاَّ مَا حَدَّثَنِي قَتَادَةُ عَنْ كَثِيرٍ مَوْلَى ابْنِ سَمُرَةَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَالَ: ثَلاَثٌ، قَالَ أَيُّوبُ: فَلَقِيتُ كَثِيرًا مَوْلَى ابْنِ سَمُرَةَ فَسَأَلْتُهُ، فَلَمْ يَعْرِفْهُ، فَرَجَعْت إلَى قَتَادَةَ فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: نَسِيَ. قال أبو محمد: كَثِيرٌ مَوْلَى ابْنِ سَمُرَةَ مَجْهُولٌ وَلَوْ كَانَ مَشْهُورًا بِالثِّقَةِ وَالْحِفْظِ لَمَا خَالَفْنَا هَذَا الْخَبَرَ، وَقَدْ أَوْقَفَهُ بَعْضُ رُوَاتِهِ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ. وَاَلَّذِي نَقُولُ بِهِ هُوَ قَوْلُ أَبِي سُلَيْمَانَ وَأَصْحَابِنَا، فَهُوَ: مَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ " أَنَّ رَجُلاً قَالَ لأَمْرَأَةٍ لَهُ: إنْ أَدْخَلْت هَذَا الْعَدْلَ الْبَيْتَ فَأَمْرُ صَاحِبَتِك بِيَدِك، فَأَدْخَلَتْهُ، ثُمَّ قَالَتْ: هِيَ طَالِقٌ، فَرُفِعَ ذَلِكَ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَأَبَانَهَا مِنْهُ، فَمَرُّوا بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فَأَخْبَرُوهُ فَذَهَبَ بِهِمْ إلَى عُمَرَ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ الرِّجَالَ قَوَّامِينَ عَلَى النِّسَاءِ، وَلَمْ يَجْعَلْ النِّسَاءَ قَوَّامَاتٍ عَلَى الرِّجَالِ فَقَالَ عُمَرُ: فَمَا تَرَى قَالَ: أَرَاهَا امْرَأَتَهُ، قَالَ عُمَرُ: وَأَنَا أَرَى ذَلِكَ، فَجَعَلَهَا وَاحِدَةً ". قال أبو محمد: قَدْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ عُمَرُ أَمْضَى حُكْمَهُ وَإِلَّا فَقَدْ رَجَعَ إلَى قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي أَنْ لاَ يَنْفُذَ طَلاَقُ مَنْ جَعَلَ الزَّوْجُ أَمْرَ امْرَأَتِهِ بِيَدِهِ.وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قُلْت لِعَطَاءٍ: رَجُلٌ قَالَ لأَمْرَأَتِهِ: أَمْرُك بِيَدِك بَعْدَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، قَالَ: لَيْسَ هَذَا بِشَيْءٍ قُلْت: فَأَرْسَلَ إلَيْهَا رَجُلاً أَنَّ أَمْرَهَا بِيَدِهَا يَوْمًا أَوْ سَاعَةً قَالَ: مَا أَدْرِي مَا هَذَا، مَا أَظُنُّ هَذَا شَيْئًا قُلْت لِعَطَاءٍ: أَمَلَّكَتْ عَائِشَةُ حَفْصَةَ حِينَ مَلَّكَهَا الْمُنْذِرُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَمْرَهَا فَقَالَ عَطَاءٌ: لاَ، إنَّمَا عَرَضَتْ عَلَيْهِمْ أَيُطَلِّقُهَا أَمْ لاَ وَلَمْ يُمَلِّكْهَا أَمْرَهَا. وَأَمَّا التَّمْلِيكُ فَقَدْ صَحَّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ: الْقَضَاءُ مَا قَضَتْ، وَلَهُ أَنْ يُنَاكِرَهَا فَإِنْ نَاكَرَهَا حَلَفَ، وَلَهُ مَا نَوَى. وَرُوِيَ عَنْهُ قَوْلٌ آخَرُ يَصِحُّ عَنْهُ: الْقَضَاءُ مَا قَضَتْ، وَلاَ قَوْلَ لَهُ. وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَالزُّهْرِيِّ. وَرُوِيَ عَنْهُ قَوْلٌ ثَالِثٌ: أَنَّ التَّمْلِيكَ نَفْسَهُ طَلاَقٌ: رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ: مَنْ مَلَّكَ امْرَأَتَهُ طَلُقَتْ، وَعَصَى رَبَّهُ وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ. وَقَوْلٌ رَابِعٌ صَحَّ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: إنْ مَلَّكَهَا نَفْسَهَا فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا ثَلاَثًا، فَهِيَ وَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ. وَقَدْ ذَكَرْنَا قَوْلَ سُفْيَانَ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي حَنِيفَةَ فِي التَّمْلِيكِ. وَلِمَالِكٍ فِي التَّمْلِيكِ أَقْوَالٌ لَمْ نَذْكُرْهَا، نَذْكُرُهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَهِيَ، أَنَّهُ قَالَ: مَنْ مَلَّكَ امْرَأَتَهُ أَمْرَهَا فَسَوَاءٌ كَانَتْ بَالِغًا، أَوْ غَيْرَ بَالِغٍ، إذَا كَانَ مِثْلُهَا يَفْهَمُ مَا يُجْعَلُ إلَيْهَا فَهِيَ طَالِقٌ ثَلاَثًا، وَلَهُ أَنْ يُنَاكِرَهَا، فَإِنْ رَدَّتْ أَمْرَهَا إلَيْهِ فَلاَ حُكْمَ لَهَا، فَإِنْ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ فَقَالَ: لَمْ أُمَلِّكِّ إِلاَّ وَاحِدَةً أَوْ يَقُولُ: لَمْ أُرِدْ الطَّلاَقَ، فَهَذِهِ هِيَ الْمُنَاكَرَةُ، وَيَحْلِفُ هُوَ، فَتَكُونُ طَلْقَةً وَاحِدَةً بَائِنَةً. قَالَ: فَلَوْ قَالَ: لَمْ أَنْوِ عَدَدًا مِنْ الطَّلاَقِ، فَهِيَ طَالِقٌ ثَلاَثًا. قَالَ: فَلَوْ قَالَ لأَمْرَأَتِهِ: قَدْ مَلَّكْتُك أَمْرَك، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ ذَلِكَ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُوقِفَهَا هُوَ لِتَقْضِيَ، أَوْ لِتَتْرُكَ، إنَّمَا الْقَضَاءُ إلَيْهَا حَتَّى يُوقِفَهَا السُّلْطَانُ فَتَقْضِيَ أَوْ تَتْرُكَ، فَيَبْطُلَ مَا جُعِلَ إلَيْهَا إنْ تَرَكَتْ. قال أبو محمد: لَمْ يُوَافِقْ فِي هَذَا إِلاَّ قَوْلاً مِنْ أَقْوَالٍ ثَلاَثَةٍ لأَبْنِ عُمَرَ فِي الْمُنَاكَرَةِ خَاصَّةً. وَسَائِرُ أَقْوَالِهِ فِي ذَلِكَ لاَ سَلَفَ لَهُ فِيهَا، وَقَدْ خَالَفَهُ زَيْدٌ صَحَّ ذَلِكَ عَنْهُ. وَلَيْسَ فِي التَّمْلِيكِ إيجَابُ طَلاَقٍ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ، رضي الله عنهم، إِلاَّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَزَيْدٍ فَقَطْ، وَذَكَرَهُ بَعْضُ النَّاسِ عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ؛ وَاَلَّذِي نَقُولُ بِهِ هُوَ: مَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عُبَيْدٍ نَا عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ دَاوُد، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ أَنَّ رُمَيْثَةَ الْفِرَاسِيَّةَ كَانَتْ تَحْتَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ فَمَلَّكَهَا أَمْرَهَا، فَقَالَتْ: أَنْتَ طَالِقٌ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ فَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ: أَخْطَأَتْ، لاَ طَلاَقَ لَهَا، أَلاَ إنَّ الْمَرْأَةَ لاَ تُطَلِّقُ. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ: أَنَّ مُجَاهِدًا أَخْبَرَهُ " أَنَّ رَجُلاً جَاءَ إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ: مَلَّكْتُ امْرَأَتِي فَطَلَّقَتْنِي ثَلاَثًا فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: خَطَّأَ اللَّهُ نَوْأَهَا عَلَيْك، إنَّمَا الطَّلاَقُ لَك عَلَيْهَا، وَلَيْسَ لَهَا عَلَيْك " وَهَذَا فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ سَأَلْت عَبْدَ اللَّهِ بْنَ طَاوُوس: كَيْفَ كَانَ أَبُوك يَقُولُ فِي رَجُلٍ مَلَّكَ امْرَأَتَهُ أَمْرَهَا، أَتَمْلِكُ أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا أَمْ لاَ قَالَ: كَانَ يَقُولُ: لَيْسَ إلَى النِّسَاءِ طَلاَقٌ فَقُلْت لَهُ: فَكَيْفَ كَانَ أَبُوهُ يَقُولُ فِي رَجُلٍ مَلَّكَ رَجُلاً أَمْرَ امْرَأَتِهِ، أَيَمْلِكُ الرَّجُلُ أَنْ يُطَلِّقَهَا قَالَ: لاَ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي سُلَيْمَانَ وَجَمِيعِ أَصْحَابِنَا. وَأَمَّا التَّخْيِيرُ فَصَحَّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ: إنْ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَوَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ، وَإِنْ اخْتَارَتْ زَوْجَهَا فَهِيَ امْرَأَتُهُ كَمَا كَانَتْ. وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ عَنْ عِيسَى بْنِ عَاصِمٍ عَنْ زَاذَانَ: أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ خَالَفَ عُمَرَ فِي ذَلِكَ، ثُمَّ رَجَعَ إلَى قَوْلِ عُمَرَ، إذْ وَلِيَ الْخِلاَفَةَ. وَرُوِّينَا هَذَا الْقَوْلَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَلَمْ يَصِحَّ عَنْهُ. وَصَحَّ عَنْ عَطَاءٍ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَإِبْرَاهِيمَ. وَصَحَّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: إنْ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَوَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ. وَقَوْلٌ آخَرُ وَهُوَ: إنْ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَوَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ، وَإِنْ اخْتَارَتْ زَوْجَهَا فَوَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ، فَإِنْ كَرَّرَ ذَلِكَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ كُلُّ ذَلِكَ تَخْتَارُهُ: طَلُقَتْ ثَلاَثًا، فَإِنْ وَطِئَهَا قَبْلَ زَوْجٍ يَتَزَوَّجُهَا فَعَلَيْهِ الرَّجْمُ: رُوِّينَا أَنَّ عَلِيًّا رَجَعَ عَنْ مُوَافَقَةِ عُمَرَ إلَى هَذَا الْقَوْلِ، إذْ وَلِي الْخِلاَفَةَ: مِنْ طَرِيقَةِ وَكِيعِ بْنِ الْجَرَّاحِ، وَالْحَجَّاجِ بْنِ الْمِنْهَالِ، كِلاَهُمَا عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ عَنْ عِيسَى بْنِ عَاصِمٍ عَنْ زَاذَانَ عَنْ عَلِيٍّ. وَصَحَّ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ قَتَادَةَ وَصَحَّ عَنْ عَلِيٍّ أَيْضًا: أَنَّهَا إنْ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا لَمْ يَجُزْ لَهُ، وَلاَ لِغَيْرِهِ أَنْ يَخْطُبَهَا فِي الْعِدَّةِ مِنْ تِلْكَ الطَّلْقَةِ: رُوِّينَا هَذِهِ الزِّيَادَةَ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ خِلاَسِ بْنِ عَمْرٍو: أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: إنْ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَهِيَ وَاحِدَةٌ، وَلاَ يَخْطُبُهَا هُوَ، وَلاَ مَنْ سِوَاهُ، إِلاَّ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، وَإِنْ اخْتَارَتْ زَوْجَهَا فَهِيَ وَاحِدَةٌ، وَهُوَ أَحَقُّ بِهَا. وَقَوْلٌ ثَالِثٌ صَحَّ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَهُوَ إنْ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَثَلاَثٌ وَإِنْ اخْتَارَتْ زَوْجَهَا فَوَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ . وَبِهِ يَقُولُ مَسْرُوقٌ. كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، حَدَّثَنَا دَاوُد بْنُ أَبِي هِنْدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ مِنْ قَوْلِ زَيْدٍ: إنْ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَثَلاَثٌ، وَإِنْ اخْتَارَتْ زَوْجَهَا فَوَاحِدَةٌ. وَقَوْلٌ رَابِعٌ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا خَيَّرَهَا فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا ثَلاَثًا فَهِيَ وَاحِدَةٌ: رُوِّينَاهُ هَكَذَا أَيْضًا: مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: إذَا خَيَّرَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا ثَلاَثًا فَهِيَ وَاحِدَةٌ. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ مَعْمَرٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ: خَيَّرَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَتِيقٍ امْرَأَتَهُ فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا ثَلاَثًا، فَسَأَلَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ فَجَعَلَهَا زَيْدٌ وَاحِدَةً، وَهُوَ أَمْلَكُ بِرَجْعَتِهَا قَالَ: فَذَكَرْت ذَلِكَ لأََيُّوبَ فَقَالَ: بَلَغَنِي نَحْوُ هَذَا عَنْ زَيْدٍ. وَقَوْلٌ خَامِسٌ رُوِّينَاهُ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مِنْ طَرِيقٍ لاَ تَصِحُّ، لأََنَّ فِيهَا جَابِرًا الْجُعْفِيَّ وَهُوَ كَذَّابٌ إنْ خَيَّرَهَا مَرَّةً، ثُمَّ مَرَّةً، ثُمَّ مَرَّةً وَهِيَ سَاكِتَةٌ، فَقَالَتْ فِي الْمَرَّةِ الثَّالِثَةِ: قَدْ اخْتَرْت نَفْسِي، فَهِيَ طَالِقٌ ثَلاَثًا. وَرُوِّينَا عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَالشَّعْبِيِّ: أَنَّهُمَا قَالاَ: إنْ كَرَّرَ تَخْيِيرَهَا ثَلاَثَ مَرَّاتٍ فَاخْتَارَتْ وَاحِدَةً، فَهِيَ طَالِقٌ ثَلاَثًا، وَإِنْ خَيَّرَهَا مَرَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَارَتْ ثَلاَثَ تَطْلِيقَاتٍ، فَهِيَ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ. وَقَوْلٌ سَادِسٌ رُوِّينَاهُ عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ فِي الَّتِي يُخَيِّرُهَا زَوْجُهَا: الْقَضَاءُ مَا قَضَتْ وَصَحَّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَالنَّخَعِيِّ، وَالشَّعْبِيِّ، وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، وَمَكْحُولٍ، وَعَطَاءٍ: إنْ قَامَتْ مِنْ مَجْلِسِهَا قَبْلَ أَنْ تَقْضِيَ فَلاَ قَضَاءَ لَهَا. وَرُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَأَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ، وَالزُّهْرِيِّ: أَنَّ التَّخْيِيرَ، وَالتَّمْلِيكَ سَوَاءٌ. وَقَوْلٌ سَابِعٌ وَبِهِ نَقُولُ: رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ جَعَلَ أَمْرَ امْرَأَتِهِ بِيَدِهَا فَقَالَتْ: أَنْتَ طَالِقٌ، أَنْتَ طَالِقٌ، أَنْتَ طَالِقٌ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: خَطَّأَ اللَّهُ نَوْأَهَا لاَ أَدْرِي مَا الْخِيَارُ. قال أبو محمد: هَذَا أَصَحُّ مَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَمَّا الزِّيَادَةُ الَّتِي رَوَاهَا قَوْمٌ فِي هَذَا الْخَبَرِ مِنْ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: لَوْ قَالَتْ: أَنَا طَالِقٌ ثَلاَثًا، لَكَانَ كَمَا قَالَتْ، أَوْ إِلاَّ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا ثَلاَثًا، فَلاَ يَصِحُّ، لأََنَّهُ إنَّمَا رَوَاهَا الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ، وَحَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ وَمَنْصُورٌ وَكُلُّهُمْ لَمْ يَلْقَ ابْنَ عَبَّاسٍ. وَرُوِّينَا هَذَا أَيْضًا: مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: إِلاَّ " قَالَتْ: أَنَا طَالِقٌ، أَنَا طَالِقٌ " وَهَذَا خَبَرٌ لَمْ يَسْمَعْهُ عَمْرٌو مِنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، لأََنَّهُ إنَّمَا رَوَاهُ عَنْ عِكْرِمَةَ، بِخِلاَفِ هَذَا، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَبِهَذَا يَقُولُ أَبُو سُلَيْمَانَ، وَأَصْحَابُنَا: قال أبو محمد: وَقَدْ ذَكَرْنَا قَوْلَ سُفْيَانَ، وَالشَّافِعِيِّ فِي التَّخْيِيرِ آنِفًا. وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَقَالَ: إنْ قَالَ لَهَا: اخْتَارِي فَخَيَّرَهَا، ثُمَّ قَالَ: لَمْ أُرِدْ طَلاَقًا، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي رِضًا لَمْ يَجْرِ فِيهِ ذِكْرُ طَلاَقٍ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ، وَلاَ خِيَارَ لَهَا فَإِنْ كَانَ فِي غَضَبٍ فِيهِ ذِكْرُ طَلاَقٍ أَوْ لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ طَلاَقٍ، أَوْ كَانَ فِي رِضًا ذُكِرَ فِيهِ طَلاَقٌ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى دَعْوَى الزَّوْجِ، وَكَانَ لَهَا الْخِيَارُ، فَإِنْ اخْتَارَتْ زَوْجَهَا فَهِيَ امْرَأَتُهُ، وَبَطَلَ خِيَارُهَا، وَإِنْ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَهِيَ طَالِقٌ وَاحِدَةً بَائِنَةً، لاَ تَكُونُ رَجْعِيَّةً أَصْلاً، وَلاَ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ، سَوَاءٌ نَوَى هُوَ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ أَوْ لَمْ يَنْوِ، اخْتَارَتْ هِيَ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ، أَوْ اخْتَارَتْ وَاحِدَةً رَجْعِيَّةً. ثُمَّ لَهُمْ مِنْ التَّخَالِيطِ فِي حَرَكَاتِهَا وَأَعْمَالِهَا أَشْيَاءُ يَطُولُ ذِكْرُهَا، إِلاَّ أَنَّهَا مِنْ عَجَائِبِ الدُّنْيَا، قَدْ ذَكَرْنَاهَا فِي " كِتَابِ الْإِيصَالِ ". وقال مالك: إنْ خَيَّرَهَا فَاخْتَارَتْهُ، فَهِيَ امْرَأَتُهُ وَقَدْ بَطَلَ خِيَارُهَا، فَإِنْ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَهِيَ طَالِقٌ ثَلاَثًا، وَلاَ بُدَّ، سَوَاءٌ قَالَتْ: أَرَدْت الطَّلاَقَ، أَوْ قَالَتْ: لَمْ أُرِدْ الطَّلاَقَ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُنَاكِرَهَا، وَلاَ يُلْتَفَتُ إلَى نِيَّتِهِ أَصْلاً، فَلَوْ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ، وَلاَ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ وَلَيْسَ لَهَا إِلاَّ اخْتِيَارُ زَوْجِهَا، أَوْ أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا ثَلاَثًا، وَلاَ بُدَّ، إِلاَّ أَنْ يُخَيِّرَهَا وَقَدْ عَزَمَ عَلَى طَلاَقِهَا، أَوْ مُخَالَعَتِهَا فَهَاهُنَا إنْ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَهِيَ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ؛ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لَهَا: اخْتَارِي طَلْقَةً فَلَيْسَ لَهَا إِلاَّ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ هَذَا كُلُّهُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا. فَإِنْ خَيَّرَهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا فَهِيَ إنْ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا طَلْقَةً وَاحِدَةً فَقَطْ فَلَوْ قَالَتْ الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا: قَدْ اخْتَرْت نَفْسِي بِثَلاَثِ طَلْقَاتٍ فَقَالَ هُوَ: لَمْ أُرِدْ إِلاَّ وَاحِدَةً، فَهِيَ وَاحِدَةٌ. وَقَالَ: فَلَوْ قَالَتْ الْمَدْخُولُ بِهَا: قَدْ قَبِلْت أَمْرِي لَمْ يَكُنْ طَلاَقًا إِلاَّ أَنْ تَقُولَ هِيَ: أَرَدْت الطَّلاَقَ فَيَكُونُ ثَلاَثًا، وَلاَ بُدَّ، لاَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ. فَلَوْ قَالَتْ لَهُ: قَدْ خَلَّيْت سَبِيلَك، فَهِيَ ثَلاَثٌ، وَلاَ بُدَّ. وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي الْمُخَيَّرَةِ تَقُومُ مِنْ مَجْلِسِ التَّخْيِيرِ قَبْلَ أَنْ تَخْتَارَ فَمَرَّةً قَالَ: بَطَلَ خِيَارُهَا بِخِلاَفِ التَّمْلِيكِ، ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ: بَلْ لَهَا الْخِيَارُ حَتَّى تُوقَفَ فَتَخْتَارَ أَوْ تَتْرُكَ، فَلَوْ وَطِئَهَا مُكْرَهَةً لَمْ يَبْطُلْ خِيَارُهَا، فَلَوْ وَطِئَهَا طَائِعَةً بَطَلَ خِيَارُهَا. قال أبو محمد: ذِكْرُ هَذِهِ الأَقْوَالِ يُغْنِي عَنْ تَكَلُّفِ الرَّدِّ عَلَيْهَا، لِشِدَّةِ اخْتِلاَطِهَا وَبِالْجُمْلَةِ فَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ قَبْلَهُ بِهَذِهِ التَّقْسِيمَاتِ، وَإِنَّمَا تَعَلَّقَ بِقَوْلٍ مِنْ أَحَدِ أَقْوَالٍ ثَلاَثَةٍ رُوِيَتْ عَنْ زَيْدٍ فِي إنْ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا، فَهِيَ ثَلاَثٌ فَقَطْ، وَخَالَفَهُ فِي ذَلِكَ الْقَوْلِ نَفْسِهِ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا، وَفِي تَسْوِيَةِ زَيْدٍ بَيْنَ التَّخْيِيرِ وَالتَّمْلِيكِ فَبَطَلَ تَعَلُّقُهُ بِزَيْدٍ. وَقَدْ خَالَفَ هَذَا الْقَوْلَ قَوْلٌ لِزَيْدٍ آخَرُ، وَقَوْلٌ لِعُمَرَ، وَقَوْلٌ لِعَلِيٍّ وَكُلُّ هَذِهِ الأَقْوَالِ لاَ حُجَّةَ فِي تَصْحِيحِهَا، مِنْ قُرْآنٍ، وَلاَ سُنَّةٍ، وَلاَ مَعْقُولٍ، وَلاَ قَوْلٍ مُتَقَدِّمٍ لَمْ يُخَالِفْهُ فِيهِ مَنْ هُوَ مِثْلُهُ، وَلاَ قِيَاسٍ، وَلاَ رَأْيٍ لَهُ وَجْهٌ يُعْقَلُ. وَاحْتَجَّ مَنْ رَأَى أَنَّ التَّخْيِيرَ لَهُ تَأْثِيرٌ فِي الطَّلاَقِ بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيَّرَ نِسَاءَهُ. قال أبو محمد: أَمَّا الْمَالِكِيُّونَ فَلاَ مُتَعَلِّقَ لَهُمْ بِذَلِكَ أَصْلاً، لأََنَّهُمْ يَقُولُونَ: لاَ يَكُونُ التَّخْيِيرُ إِلاَّ فِي الْبَقَاءِ، أَوْ فِي الطَّلاَقِ الثَّلاَثِ. وَيَقُولُونَ: إنَّ طَلاَقَ الثَّلاَثِ بِدْعَةٌ وَمَعْصِيَةٌ، فَكَيْفَ يَجُوزُ عِنْدَهُمْ أَنْ يُخَيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي إنْفَاذِ مَعْصِيَةٍ، حَاشَا لِلَّهِ مِنْ هَذَا. وقال بعضهم: إنَّمَا خَيَّرَهُنَّ بَيْنَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ . فَقُلْنَا: قَدْ بَطَلَ تَعَلُّقُكُمْ فِي أَنَّ لِلتَّخْيِيرِ تَأْثِيرًا فِي الطَّلاَقِ بِتَخْيِيرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِسَاءَهُ إذْ لَمْ يُخْبِرْهُنَّ تَخْيِيرًا عِنْدَكُمْ يَكُنَّ بِهِ إنْ اخْتَرْنَ الطَّلاَقَ طَوَالِقَ، وَأَمَّا غَيْرُهُمْ فَنَقُولُ لَهُمْ: الآيَةُ نَفْسُهَا تُبْطِلُ دَعْوَاكُمْ لأََنَّ نَصَّهَا: إنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلاً. فَإِنَّمَا نَصَّ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام إنْ أَرَدْنَ الدُّنْيَا، وَلَمْ يُرِدْنَ الآخِرَةَ: طَلَّقَهُنَّ حِينَئِذٍ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ مُخْتَارًا لِلطَّلاَقِ، لاَ أَنَّهُنَّ طَوَالِقُ بِنَفْسِ اخْتِيَارِهِنَّ الدُّنْيَا. وَمَنْ ادَّعَى غَيْرَ هَذَا فَقَدْ حَرَّفَ كَلاَمَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَقْحَمَ فِي حُكْمِ الآيَةِ كَذِبًا مَحْضًا لَيْسَ فِيهَا مِنْهُ نَصٌّ، وَلاَ دَلِيلٌ. وَمَوَّهَ بَعْضُهُمْ بِأَخْبَارٍ مَوْضُوعَةٍ: مِنْهَا مَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ عُمَرَ، وَيَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، كِلاَهُمَا عَنْ رَبِيعَةَ: أَنَّ وَاحِدَةً مِنْ نِسَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَكَانَتْ أَلْبَتَّةَ، وَعَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عُمَرَ، وَيَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ هَالِكَانِ ثُمَّ هُوَ مُرْسَلٌ. وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ عُمَرَ عَنْ الزُّهْرِيِّ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذْ خَيَّرَ نِسَاءَهُ تَخَيَّرَتْ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ نَفْسَهَا فَذَهَبَتْ وَعَبْدُ الْجَبَّارِ قَدْ بَيَّنَّا أَمْرَهُ وَهُوَ مُرْسَلٌ أَيْضًا. وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ بِنَحْوِ ذَلِكَ، قَالَ: وَهِيَ بِنْتُ الضَّحَّاكِ الْعَامِرِيِّ ابْنِ لَهِيعَةَ لاَ شَيْءَ وَمُرْسَلٌ أَيْضًا، وَمَا تَزَوَّجَ عليه الصلاة والسلام قَطُّ بِنْتَ الضَّحَّاكِ الْعَامِرِيِّ وَيُوَضِّحُ كَذِبَ هَذِهِ الْفَضَائِحِ الْخَبَرُ الثَّابِتُ الَّذِي رُوِّينَاهُ مِنْ طُرُقٍ: مِنْهَا مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ: أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ، فَذَكَرْت نُزُولَ آيَةِ التَّخْيِيرِ، وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَلاَهَا عَلَيْهَا فَقَالَتْ: إنِّي أُرِيدُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ، قَالَتْ: ثُمَّ فَعَلَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ مَا فَعَلَتْ. وَمِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، هُوَ ابْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ، وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَتْ: خَيَّرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاخْتَرْنَاهُ، فَلَمْ يُعِدَّهُ طَلاَقًا. قال أبو محمد: قَدْ تَقَصَّيْنَا كُلَّ هَذِهِ الآثَارِ، وَأَرَيْنَا عَظِيمَ كَذِبِ مَنْ ادَّعَى الْإِجْمَاعَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَوَقَفْنَا عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِي التَّخْيِيرِ شَيْءٌ إِلاَّ عَنْ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَزَيْدٍ: أَقْوَالٌ خَالَفَ فِيهَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ صَاحِبَهُ وَأَثَرٌ لاَ يَصِحُّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَآثَارٌ سَاقِطَةٌ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَالثَّابِتُ عَنْهُ كَقَوْلِنَا: أَنَّهُ لاَ مَعْنَى لِلتَّخْيِيرِ أَصْلاً، وَأَنَّهُ لَيْسَ فِي التَّمْلِيكِ إِلاَّ أَقْوَالٌ مُخْتَلِفَةٌ عَنْ زَيْدٍ، وَابْنِ عُمَرَ فَقَطْ، لاَ ثَالِثَ لَهُمَا مِنْ الصَّحَابَةِ، رضي الله عنهم، إِلاَّ قَوْلاً ذُكِرَ عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ فِيهِ: أَنَّ الْقَضَاءَ مَا قَضَتْ. وَأَثَرَانِ: مِنْ طَرِيقِ عُثْمَانَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، مُوَافِقَانِ لِقَوْلِنَا، وَأَنَّهُ لَيْسَ " فِي أَمْرِك بِيَدِك " إِلاَّ أَقْوَالٌ مُخْتَلِفَةٌ عَنْ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَزَيْدٍ، وَعُثْمَانَ وَابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَمْرٍو، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ، وَرِجَالٍ لَمْ يُسَمُّوا مِنْ الصَّحَابَةِ، رضي الله عنهم ،. وَفِي بَعْضِ هَذِهِ قَوْلٌ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ لَمْ يُوَافِقْ مَالِكٌ أَحَدًا مِنْهُمْ، إِلاَّ رِوَايَةً، عَنِ ابْنِ عُمَرَ صَحَّتْ عَنْهُ فِي الْمُنَاكَرَةِ فَقَطْ وَمِثْلُهَا عَنْ عُمَرَ لَمْ تَصِحَّ عَنْهُ وَلَمْ يُوَافِقْ أَبُو حَنِيفَةَ مِنْهُمْ أَحَدًا. وَوَافَقْنَا نَحْنُ قَوْلاً رُوِيَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَعُمَرَ. قال أبو محمد: لاَ حُجَّةَ فِي أَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِذْ لَمْ يَأْتِ فِي الْقُرْآنِ، وَلاَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ قَوْلَ الرَّجُلِ لأَمْرَأَتِهِ: " أَمْرُك بِيَدِك، أَوْ قَدْ مَلَّكْتُك أَمْرَك، أَوْ اخْتَارِي " يُوجِبُ أَنْ تَكُونَ طَالِقًا، أَوْ أَنَّ لَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا، أَوْ أَنْ تَخْتَارَ طَلاَقًا، فَلاَ يَجُوزُ أَنْ يَحْرُمَ عَلَى الرَّجُلِ فَرْجٌ أَبَاحَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَقْوَالٍ لَمْ يُوجِبْهَا اللَّهُ تَعَالَى، وَلاَ رَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
وَمَنْ قَالَ لأَمْرَأَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ، أَوْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ: كَالْمِيتَةِ، وَالدَّمِ، وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ، أَوْ مَا قَالَ مِنْ ذَلِكَ، فَهُوَ كُلُّهُ بَاطِلٌ وَكَذِبٌ، وَلاَ تَكُونُ بِذَلِكَ عَلَيْهِ حَرَامًا، وَهِيَ امْرَأَتُهُ كَمَا كَانَتْ نَوَى بِذَلِكَ طَلاَقًا أَوْ لَمْ يَنْوِ. وَقَدْ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي هَذَا، فَقَالَ عَلِيٌّ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَابْنُ عُمَرَ: هِيَ بِذَلِكَ الْقَوْلِ طَالِقٌ ثَلاَثًا وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى. وَرُوِيَ عَنْ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ. وَقَوْلٌ آخَرُ أَنَّهَا بِذَلِكَ حَرَامٌ عَلَيْهِ وَلَمْ يَذْكُرُوا طَلاَقًا، صَحَّ هَذَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَعَنْ رِجَالٍ لَمْ يُسَمُّوا مِنْ الصَّحَابَةِ، رضي الله عنهم، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَصَحَّ عَنْ الْحَسَنِ، وَخِلاَسِ بْنِ عَمْرٍو، وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، وَقَتَادَةَ: أَنَّهُمْ أَمَرُوهُ بِاجْتِنَابِهَا فَقَطْ. وَقَوْلٌ ثَالِثٌ رُوِيَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ: إنْ كَانَ نَوَى فِي التَّحْرِيمِ الطَّلاَقَ وَإِلَّا فَهُوَ يَمِينٌ. وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ، وطَاوُوس، وَالشَّافِعِيِّ، وَالزُّهْرِيِّ. وَقَوْلٌ رَابِعٌ رُوِّينَاهُ عَنْ إبْرَاهِيمَ قَالَ: كَانَ أَصْحَابُنَا يَقُولُونَ فِي الْحَرَامِ: إنْ نَوَى ثَلاَثًا فَهِيَ ثَلاَثٌ، وَإِنْ نَوَى وَاحِدَةً فَهِيَ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ. وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ، إِلاَّ، أَنَّهُ قَالَ: وَإِنْ نَوَى يَمِينًا فَهِيَ يَمِينٌ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَهِيَ كَذِبٌ لاَ شَيْءَ فِيهَا. وَقَوْلٌ خَامِسٌ عَنْ إبْرَاهِيمَ: إنْ نَوَى وَاحِدَةً أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَهِيَ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ، وَإِنْ نَوَى ثَلاَثًا فَثَلاَثٌ. وَقَدْ رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ عَنْ الْمُغِيرَةِ عَنْ إبْرَاهِيمَ: وَإِنْ نَوَى اثْنَتَيْنِ فَهِيَ اثْنَتَانِ. وَقَوْلٌ سَادِسٌ هُوَ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ: رُوِّينَاهُ عَنْ عُمَرَ . وَبِهِ يَقُولُ حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ. وَقَوْلٌ سَابِعٌ وَهُوَ أَنَّهُ ظِهَارٌ، فِيهِ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ صَحَّ ذَلِكَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ فِي الْحَرَامِ، وَالنَّذْرِ: عِتْقُ رَقَبَةٍ؛ أَوْ صِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، أَوْ إطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا. وَمِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الرَّجُلِ إذَا قَالَ: حَرَامٌ عَلَيَّ أَنْ آكُلَ، أَوْ قَالَ: هَذَا الطَّعَامُ عَلَيَّ حَرَامٌ قَالَ: يُعْتِقُ رَقَبَةً، أَوْ يَصُومُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، أَوْ يُطْعِمُ سِتِّينَ مِسْكِينًا وَهُوَ قَوْلُ أَبِي قِلاَبَةَ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَوَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ وَهُوَ قَوْلُ عُثْمَانَ الْبَتِّيِّ، وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ. وَقَوْلٌ ثَامِنٌ وَهُوَ أَنَّ التَّحْرِيمَ يَمِينٌ فِيهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ. ثُمَّ اخْتَلَفَ هَؤُلاَءِ: فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ: هِيَ يَمِينٌ مُغَلَّظَةٌ لَيْسَ فِيهَا إِلاَّ عِتْقُ رَقَبَةٍ رُوِّينَا ذَلِكَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَقَالَ آخَرُونَ: هِيَ يَمِينٌ فَقَطْ، كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، وَأَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ، كِلاَهُمَا عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ: هِيَ يَمِينٌ يَعْنِي التَّحْرِيمَ. وَمِنْ طَرِيقِ إسْمَاعِيلَ بْنِ إِسْحَاقَ الْقَاضِي، حَدَّثَنَا الْمُقَدَّمِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ صَخْرِ بْنِ جُوَيْرِيَةَ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: الْحَرَامُ يَمِينٌ: نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْقُرَشِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو خَلِيفَةَ الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ الْجُمَحِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هُبَيْرَةَ عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ قَالَ: سَأَلْت زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ وَابْنَ عُمَرَ عَمَّنْ قَالَ لأَمْرَأَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ فَقَالاَ جَمِيعًا كَفَّارَةُ يَمِينٍ. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ قَالَ فِي التَّحْرِيمِ: هِيَ يَمِينٌ يُكَفِّرُهَا. وَمِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ نَا إسْمَاعِيلُ بْنُ إبْرَاهِيمَ عَنْ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ قَالَ: كَتَبَ إلَيَّ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ يُحَدِّثُ عَنْ يَعْلَى بْنِ حَكِيمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الْحَرَامُ يَمِينٌ يُكَفِّرُهَا. وَرُوِيَ أَيْضًا ذَلِكَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ. وَعَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ وَهُوَ قَوْلُ عِكْرِمَةَ، وَعَطَاءٍ رُوِّينَا ذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قُلْت لِعَطَاءٍ: مَنْ قَالَ لأَمْرَأَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ قَالَ: يَمِينٌ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ فَقُلْت لَهُ: وَإِنْ كَانَ أَرَادَ الطَّلاَقَ قَالَ: قَدْ عَلِمَ مَكَانَ الطَّلاَقِ، قَالَ عَطَاءٌ: وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَالدَّمِ، أَوْ كَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ قَالَ عَطَاءٌ: هُوَ كَقَوْلِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ، وَهُوَ قَوْلُ مَكْحُولٍ، وَقَتَادَةَ، كَقَوْلِ عَطَاءٍ فِي كُلِّ مَا ذَكَرْنَاهُ وَمِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ، أَنَّهُ قَالَ: كُلُّ حَلاَلٍ عَلَيَّ حَرَامٌ، فَهِيَ يَمِينٌ وَبِهَذَا كَانَ يُفْتِي قَتَادَةُ وَهُوَ قَوْلُ الشَّعْبِيِّ. وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ دَاوُد بْنِ أَبِي هِنْدَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: الْحَرَامُ يَمِينٌ يُكَفِّرُهَا وَهُوَ قَوْلُ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ. وَمِنْ طَرِيقِ الْحَجَّاجِ بْنِ الْمِنْهَالِ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ قَالَ: سَأَلْت نَافِعًا مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ عَنْ الْحَرَامِ أَطَلاَقٌ هُوَ قَالَ: لاَ، أَوَلَيْسَ قَدْ حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَارِيَتَهُ فَأَمَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُكَفِّرَ يَمِينَهُ وَلَمْ يُحَرِّمْهَا عَلَيْهِ. وَرُوِيَ عَنْ طَاوُوس أَيْضًا فَهُوَ قَوْلُ الأَوْزَاعِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ. وَرُوِّينَا عَنْ الْحَسَنِ، أَنَّهُ قَالَ: هُوَ فِي غَيْرِ الزَّوْجَةِ يَمِينٌ. وَقَوْلٌ تَاسِعٌ وَهُوَ التَّوَقُّفُ، كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ، حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ: يَقُولُ رِجَالٌ فِي الْحَرَامِ: هِيَ حَرَامٌ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ، وَلاَ وَاَللَّهِ مَا قَالَ ذَلِكَ عَلِيٌّ، إنَّمَا. قَالَ عَلِيٌّ: مَا أَنَا بِمُحِلِّهَا، وَلاَ بِمُحَرِّمِهَا عَلَيْك، إنْ شِئْت فَتَقَدَّمْ وَإِنْ شِئْت فَتَأَخَّرْ. وَقَوْلٌ عَاشِرٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنَّهُ قَالَ: إذَا قَالَ لأَمْرَأَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ، فَإِنْ نَوَى طَلْقَةً وَاحِدَةً، أَوْ طَلْقَتَيْنِ، أَوْ طَلاَقًا دُونَ عَدَدٍ، فَهُوَ فِي كُلِّ ذَلِكَ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ، لاَ أَكْثَرَ، فَإِنْ نَوَى ثَلاَثًا فَهِيَ ثَلاَثٌ، فَإِنْ نَوَى يَمِينًا فَهِيَ يَمِينٌ فِيهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، فَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَهُوَ إيلاَءٌ فِيهِ حُكْمُ الْإِيلاَءِ، فَإِنْ نَوَى الْكَذِبَ صُدِّقَ فِي الْفُتْيَا، وَلَمْ يَكُنْ شَيْئًا، وَلاَ يَنْوِي فِي الْقَضَاءِ، بَلْ يَكُونُ إيلاَءً، وَلاَ بُدَّ، وَلاَ يَكُونُ ذَلِكَ ظِهَارًا أَصْلاً، سَوَاءٌ نَوَاهُ وَقَالَ ذَلِكَ، أَوْ لَمْ يَنْوِهِ، وَلاَ قَالَهُ. وَقَوْلٌ حَادِيَ عَشَرَ قَالَهُ مَالِكٌ، وَهُوَ أَنَّهُ مَنْ قَالَ لأَمْرَأَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ، فَإِنْ كَانَ مَدْخُولاً بِهَا فَهِيَ ثَلاَثُ طَلْقَاتٍ لاَ يَنْوِي فِي ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا فَإِنَّهُ يَنْوِي، فَإِنْ قَالَ نَوَيْت وَاحِدَةً فَهِيَ وَاحِدَةٌ، وَإِنْ قَالَ: نَوَيْت اثْنَتَيْنِ فَهِيَ اثْنَتَانِ، وَإِنْ قَالَ: نَوَيْت ثَلاَثًا فَهِيَ ثَلاَثٌ قَالَ: فَإِنْ قَالَ ذَلِكَ لِغَيْرِ امْرَأَتِهِ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ، سَوَاءٌ قَالَ ذَلِكَ لأََمَتِهِ، أَوْ لِطَعَامٍ قَالَ: فَلَوْ قَالَ: كُلُّ حِلٍّ عَلَيَّ حَرَامٌ: لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ بِذَلِكَ شَيْءٌ إِلاَّ زَوْجَتَهُ فَقَطْ، فَإِنْ قَالَ: اسْتَثْنَيْت نِسَائِي، أَوْ امْرَأَتِي فِي نَفْسِي، صُدِّقَ فِي ذَلِكَ. وَقَوْلٌ ثَانِيَ عَشَرَ لَيْسَ التَّحْرِيمُ بِشَيْءٍ، لاَ فِي الزَّوْجَةِ، وَلاَ فِي غَيْرِهَا، وَلاَ يَقَعُ بِذَلِكَ طَلاَقٌ أَصْلاً، وَلاَ إيلاَءٌ، وَلاَ ظِهَارٌ ;، وَلاَ تَحْرِيمٌ ;، وَلاَ تَجِبُ فِي ذَلِكَ كَفَّارَةٌ أَصْلاً. كَمَا رَوَيْنَا مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ سَمِعَ الرَّبِيعَ بْنَ نَافِعٍ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ، هُوَ ابْنُ سَلاَمٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ يَعْلَى بْنِ حَكِيمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: إذَا حَرَّمَ امْرَأَتَهُ لَيْسَ بِشَيْءٍ، لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ. وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: مَا أُبَالِي حَرَّمْت امْرَأَتِي أَوْ قَصْعَةً مِنْ ثَرِيدٍ. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ صَالِحِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ، أَنَّهُ قَالَ فِي تَحْرِيمِ الْمَرْأَةِ: لَهِيَ أَهْوَنُ عَلَيَّ مِنْ نَعْلِي. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْكَرِيمِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، أَنَّهُ قَالَ: مَا أُبَالِي حَرَّمْتهَا يَعْنِي امْرَأَتَهُ أَوْ حَرَّمْت مَاءَ النَّهْرِ. وَمِنْ طَرِيقِ الْحَجَّاجِ بْنِ الْمِنْهَالِ، حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى أَنَا قَتَادَةُ أَنَّ رَجُلاً جَعَلَ امْرَأَتَهُ عَلَيْهِ حَرَامًا، فَسَأَلَ عَنْ ذَلِكَ حُمَيْدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَرِيَّ فَقَالَ لَهُ حُمَيْدٌ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَجَمِيعِ أَصْحَابِنَا. قال أبو محمد: أَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، فَمَا نَعْلَمُ أَحَدًا قَبْلَهُمَا قَالَ بِمَا قَالاَ مِنْ تَقْسِيمِ مَا قَسَّمَاهُ، مَعَ أَنَّهُ لاَ يُؤَيِّدُ قَوْلَهُمَا قُرْآنٌ، وَلاَ سُنَّةٌ صَحِيحَةٌ، وَلاَ رِوَايَةٌ سَقِيمَةٌ، وَلاَ قِيَاسٌ، وَلاَ رَأْيٌ لَهُ وَجْهٌ، وَمَا يَدْرِي أَحَدٌ وَجْهَ التَّفْرِيقِ بَيْنَ تَحْرِيمِ الزَّوْجَةِ، وَبَيْنَ تَحْرِيمِ الأَمَةِ، وَغَيْرِهَا وَالأَمَةُ تَحْرُمُ بِالْعِتْقِ كَمَا تَحْرُمُ الزَّوْجَةُ بِالطَّلاَقِ، وَكَمَا يَحْرُمُ الْمَتَاعُ بِالصَّدَقَةِ بِهِ، وَبِبَيْعِهِ، وَقَدْ تَحِلُّ الْمُطَلَّقَةُ ثَلاَثًا بَعْدَ زَوْجٍ، فَهَلاَّ قَالُوا بِتَحْرِيمِهَا فِي الأَبَدِ، كَمَا قَالُوا فِي النَّاكِحِ فِي الْعِدَّةِ يَدْخُلُ بِهَا، فَكَانَ يَكُونُ قَدْ أَتَمَّ فِي التَّحْرِيمِ. وَكَذَلِكَ لاَ يَعْلَمُ أَحَدٌ وَجْهَ التَّفْرِيقِ بَيْنَ تَحْرِيمِ الزَّوْجَةِ الَّتِي أَحَلَّهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَبَيْنَ تَحْرِيمِ الطَّعَامِ الَّذِي أَحَلَّهُ اللَّهُ تَعَالَى وَقَدْ سَوَّى بَيْنَ الأَمْرَيْنِ عَطَاءٌ، وَغَيْرُهُ. وَأَطْرَفُ شَيْءٍ تَفْرِيقُهُمْ بَيْنَ الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا، وَحُجَّتُهُمْ فِي ذَلِكَ: أَنَّ الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا تُبِينُهَا الْوَاحِدَةُ . فَقُلْنَا لَهُمْ: وَالْمَدْخُولُ بِهَا عِنْدَكُمْ أَيْضًا تُبِينُهَا الْوَاحِدَةُ الْبَائِنَةُ، فَمَا الْفَرْقُ إنَّ هَذَا لَعَجَبٌ وَكَذَلِكَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ: إنْ نَوَى اثْنَتَيْنِ فَهِيَ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ وَإِنْ نَوَى ثَلاَثًا فَهِيَ ثَلاَثٌ وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِأَنَّ الطَّلاَقَ الْبَائِنَ لاَ يُرْتَدَفُ عَلَى الطَّلاَقِ الْبَائِنِ، وَنَسَوْا قَوْلَهُمْ: إنَّ الْخُلْعَ طَلاَقٌ بَائِنٌ، وَأَنَّهُ إنْ طَلَّقَهَا فِي عِدَّتِهَا لَحِقَتْهَا طَلْقَةٌ أُخْرَى بَائِنَةٌ، فَاعْجَبُوا لِتَنَاقُضِهِمْ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: إنْ نَوَى إيلاَءً؛ أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَهُوَ إيلاَءٌ، وَإِنْ نَوَى الظِّهَارَ لَمْ يَكُنْ ظِهَارًا، لَيْتَ شَعْرِي. مِنْ أَيْنَ خَرَجَ هَذَا الْفَرْقُ. وَكَذَلِكَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ: إنْ نَوَى طَلاَقًا فَهُوَ طَلاَقٌ، وَإِنْ نَوَى إيلاَءً لَمْ يَكُنْ إيلاَءً، وَإِنْ نَوَى ظِهَارًا لَمْ يَكُنْ ظِهَارًا وَهَذَا فَرْقٌ لاَ يُعْرَفُ وَجْهُهُ. فإن قيل: لِلظِّهَارِ، وَلِلْإِيلاَءِ أَلْفَاظٌ لاَ يَكُونَانِ إِلاَّ بِهَا. قلنا: وَلِلطَّلاَقِ لَفْظٌ لاَ يَكُونُ إِلاَّ بِهِ. فَإِنْ قَالُوا: قَدْ يَكُونُ الطَّلاَقُ بِغَيْرِ لَفْظِ الطَّلاَقِ. قلنا: وَقَدْ يَكُونُ الظِّهَارُ عِنْدَكُمْ بِغَيْرِ ظَهْرِ الْأُمِّ، وَقَدْ يَكُونُ الْإِيلاَءُ عِنْدَكُمْ بِغَيْرِ ذِكْرِ الأَلْيَةِ بِاَللَّهِ تَعَالَى، وَلاَ فَرْقَ. قال أبو محمد: وَسَائِرُ الأَقْوَالِ الْمُوجِبَةِ لِلطَّلاَقِ، وَلِلْيَمِينِ، وَلِلظِّهَارِ، وَلِلْإِيلاَءِ: كُلِّهَا أَقْوَالٌ لَمْ تَأْتِ فِي نَصِّ قُرْآنٍ، وَلاَ فِي سُنَّةٍ، وَلاَ حُجَّةَ فِي سِوَاهُمَا، بَلْ وَجَدْنَا اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: فَصَحَّ أَنَّ التَّحْرِيمَ بَاطِلٌ، وَلاَ حُكْمَ لِلْبَاطِلِ إِلاَّ إبْطَالَهُ وَالتَّوْبَةَ مِنْهُ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ لَهَا: أَنْتِ عَلَيَّ كَالْمِيتَةِ وَالدَّمِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ وَكُلُّ ذَلِكَ كَذِبٌ بَلْ هِيَ حَلاَلٌ كَالْمَاءِ، وَلاَ تَكُونُ حَرَامًا بِهَذَا الْقَوْلِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى نَتَأَيَّدُ. وَمِنْ ذَلِكَ مَنْ قَالَ لأَمْرَأَتِهِ: قَدْ وَهَبْتُك لأََهْلِك فَإِنَّنَا رَوَيْنَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ خِلاَسِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَالَ فِي الْمَرْأَةِ تُوهَبُ لأََهْلِهَا: إنْ قَبِلُوهَا فَوَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ، وَإِنْ رَدُّوهَا فَوَاحِدَةٌ وَهُوَ أَحَقُّ بِهَا يَعْنِي بِرَجْعَتِهِ. وَمِنْ طَرِيقِ الْحَجَّاجِ بْنِ الْمِنْهَالِ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ هُوَ التُّسْتَرِيُّ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ هُوَ الْبَصْرِيُّ قَالَ: كَانَ رِجَالٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ يَقُولُونَ: إنْ وَهَبَ امْرَأَتَهُ لأََهْلِهَا فَأَمْسَكُوهَا، فَقَدْ بَانَتْ مِنْهُ، وَإِنْ هُمْ رَدُّوهَا عَلَيْهِ فَهِيَ وَاحِدَةٌ وَهُوَ أَحَقُّ بِهَا وَرُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ. وَقَوْلٌ آخَرُ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عَلِيٍّ أَيْضًا وَهُوَ أَنَّهُ إنْ قَبِلُوهَا فَهِيَ وَاحِدَةٌ، وَإِنْ لَمْ يَقْبَلُوهَا فَلَيْسَ بِشَيْءٍ. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَشْعَثَ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ يَعْنِي فِي الْمَوْهُوبَةِ: إنْ قَبِلُوهَا فَوَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ وَإِنْ لَمْ يَقْبَلُوهَا فَلَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ عَطَاءٌ: إنْ قَبِلُوهَا فَوَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ وَإِنْ لَمْ يَقْبَلُوهَا فَلَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَوْلٌ ثَالِثٌ كَمَا رَوَيْنَاهُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ قَالَ: إنْ قَبِلُوهَا فَهِيَ ثَلاَثٌ لاَ تَحِلُّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ، وَإِنْ رَدُّوهَا فَوَاحِدَةٌ وَهُوَ أَحَقُّ بِهَا وَهَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ. وَقَوْلٌ رَابِعٌ رَوَيْنَاهُ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْكَلاَعِيِّ، وَعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ الْكَلاَعِيُّ: عَنْ مَكْحُولٍ، وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ: عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ ثُمَّ اتَّفَقَ مَسْرُوقٌ وَمَكْحُولٌ فِيمَنْ وَهَبَ امْرَأَتَهُ لأََهْلِهَا، قَالاَ جَمِيعًا: إنْ قَبِلُوهَا فَهِيَ طَلْقَةٌ وَهُوَ أَمْلَكُ بِهَا، وَإِنْ لَمْ يَقْبَلُوهَا فَلاَ شَيْءَ. وَرَوَيْنَا هَذَا أَيْضًا عَنْ الزُّهْرِيِّ وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ. وَقَوْلٌ خَامِسٌ كَمَا رَوَيْنَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ أَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيُّ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ قَالَ: كَانَ يُقَالُ فِي الْمَوْهُوبَةِ لأََهْلِهَا: تَطْلِيقَةٌ قَالَ سَعِيدٌ: وَأَرَنَاهُ أَبُو عَوَانَةَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ بِمِثْلِهِ، وَزَادَ: لاَ نَدْرِي أَبَائِنَةٌ أَمْ رَجْعِيَّةٌ. وَقَوْلٌ سَادِسٌ رُوِيَ عَنْ رَبِيعَةَ، وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، وَأَبِي الزِّنَادِ فِيمَنْ وَهَبَ امْرَأَتَهُ لأََهْلِهَا قَالُوا: هِيَ ثَلاَثٌ قَبِلُوهَا أَوْ رَدُّوهَا. وَقَوْلٌ سَابِعٌ قَالَهُ الأَوْزَاعِيُّ، قَالَ: هِيَ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ قَبِلُوهَا أَوْ رَدُّوهَا. وَقَوْلٌ ثَامِنٌ وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ: مَنْ وَهَبَ امْرَأَتَهُ لأََهْلِهَا فَالْقَضَاءُ مَا قَضَوْا، فَإِنْ كَانَ وَهَبَهَا لَهُمْ وَهُوَ لاَ يَنْتَظِرُ قَضَاءَهُمْ فَهُوَ طَلاَقٌ أَلْبَتَّةَ. وَقَوْلٌ تَاسِعٌ رَوَيْنَاهُ عَنْ مَالِكٍ، وَهُوَ، أَنَّهُ قَالَ: مَنْ وَهَبَ امْرَأَتَهُ لأََهْلِهَا فَإِنْ كَانَتْ مَدْخُولاً بِهَا فَهِيَ طَالِقٌ ثَلاَثًا قَبِلُوهَا أَوْ لَمْ يَقْبَلُوهَا وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا فَهِيَ وَاحِدَةٌ فَقَطْ قَبِلُوهَا أَوْ رَدُّوهَا. وَقَوْلٌ عَاشِرٌ رَوَيْنَاهُ عَنْ الشَّافِعِيِّ قَالَ: مَنْ وَهَبَ امْرَأَتَهُ لأََهْلِهَا فَلَهُ نِيَّتُهُ فِي الْفُتْيَا وَالْقَضَاءِ، فَإِنْ قَالَ: لَمْ أَنْوِ طَلاَقًا لَمْ يَلْزَمْهُ طَلاَقٌ، وَإِنْ قَالَ: نَوَيْت ثَلاَثًا فَهِيَ ثَلاَثٌ، وَإِنْ قَالَ: نَوَيْت اثْنَتَيْنِ فَهِيَ اثْنَتَانِ رَجْعِيَّتَانِ، وَإِنْ قَالَ: نَوَيْت وَاحِدَةً فَهِيَ وَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ. وَقَوْلٌ حَادِيَ عَشَرَ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، قَالَ: إنْ قَالَهُ لأَمْرَأَتِهِ: قَدْ وَهَبْتُك لأََهْلِك، أَوْ قَالَ: لأََبِيك، أَوْ قَالَ: لأَُمِّك، أَوْ قَالَ: لِلأَزْوَاجِ فَإِنْ كَانَ هَذَا فِي غَضَبٍ، أَوْ جَوَابًا لَهَا إذْ سَأَلَتْهُ الطَّلاَقَ، ثُمَّ قَالَ: لَمْ أَنْوِ الطَّلاَقَ: صُدِّقَ وَلَمْ يَلْزَمْهُ طَلاَقٌ فِي الْفُتْيَا، وَفِي الْقَضَاءِ. وَإِنْ قَالَ: نَوَيْت بِذَلِكَ الطَّلاَقَ فَإِنْ نَوَى ثَلاَثًا فَهِيَ ثَلاَثٌ، وَإِنْ نَوَى اثْنَتَيْنِ بِاثْنَتَيْنِ، أَوْ رَجْعِيَّتَيْنِ، أَوْ وَاحِدَةً بَائِنَةً، أَوْ رَجْعِيَّةً، لَمْ يَكُنْ فِي كُلِّ ذَلِكَ إِلاَّ وَاحِدَةً بَائِنَةً فَقَطْ، لاَ أَكْثَرَ. قَالَ: فَلَوْ قَالَ لَهَا: وَهَبْتُك لِخَالَتِك، أَوْ قَالَ لِزَيْدٍ، أَوْ لِفُلاَنٍ وَذَكَرَ أَجْنَبِيًّا فَلَيْسَ ذَلِكَ بِشَيْءٍ، وَلاَ يَلْزَمُهُ بِذَلِكَ طَلاَقٌ سَوَاءٌ نَوَى بِذَلِكَ طَلاَقًا ثَلاَثًا أَوْ أَقَلَّ؛ أَوْ لَمْ يَنْوِ طَلاَقًا كَانَ ذَلِكَ فِي غَضَبٍ أَوْ فِي جَوَابِ سُؤَالِهَا إيَّاهُ الطَّلاَقَ، أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَلاَ مَعْنَى لِحُكْمِ أَهْلِهَا الَّذِينَ وَهَبَهَا لَهُمْ فِي ذَلِكَ. وَقَوْلٌ ثَانِيَ عَشَرَ وَهُوَ أَنَّ كُلَّ ذَلِكَ بَاطِلٌ لاَ يَلْزَمُهُ بِهِ طَلاَقٌ أَصْلاً نَوَاهُ أَوْ لَمْ يَنْوِهِ وَهُوَ أَبِي ثَوْرٍ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ، وَأَصْحَابِنَا. قال أبو محمد: أَمَّا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ فَآبِدَةٌ مِنْ أَوَابِدِ الدَّهْرِ، وَتَفْرِيقُ مَا سَمِعَ بِأَسْخَفَ مِنْهُ، كُلُّ ذَلِكَ بِلاَ دَلِيلٍ يُعْقَلُ، وَلاَ قِيَاسٍ يُضْبَطُ، وَلاَ رَأْيٍ لَهُ وَجْهٌ، وَلاَ نَعْلَمُهُ عَنْ أَحَدٍ قَبْلَهُ، لاَ سِيَّمَا إذَا أُضِيفَ هَذَا الْقَوْلُ إلَى قَوْلِهِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي التَّخْيِيرِ وَالتَّمْلِيكِ وَتِلْكَ التَّفَارِيقِ السَّخِيفَةِ. وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ بَيْنَ الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا فِي التَّفْرِيقِ فَمَا يُعْلَمُ عَنْ أَحَدٍ قَبْلَهُ، وَمَا نَدْرِي مِنْ أَيْنَ وَقَعَ لَهُمْ بِالْهِبَةِ أَنْ تَكُونَ طَالِقًا ثَلاَثًا وَقَالُوا: الْمَدْخُولُ بِهَا لاَ يُحَرِّمُهَا إِلاَّ الثَّلاَثُ . فَقُلْنَا: وَقَدْ يُحَرِّمُهَا عِنْدَكُمْ الْوَاحِدَةُ الْبَائِنَةُ. فَإِنْ قَالُوا: يَتَزَوَّجُهَا إذَا شَاءَ. قلنا: وَفِي الثَّلاَثِ يَتَزَوَّجُهَا بَعْدَ زَوْجٍ، وَكَذَلِكَ غَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهَا يَتَزَوَّجُهَا فِي الْبَائِنَةِ إنْ شَاءَ وَشَاءَتْ، وَهَلَّا حَرَّمْتُمُوهَا فِي الأَبَدِ، كَمَا فَعَلْتُمْ بِالْمَدْخُولِ بِهَا فِي عِدَّتِهَا ,. قال أبو محمد: وَسَائِرُ الأَقْوَالِ لاَ نَعْلَمُ لِشَيْءٍ مِنْهَا بُرْهَانًا، لاَ قُرْآنًا، وَلاَ سُنَّةً، وَلاَ حُجَّةً فِي سِوَاهُمَا وَمَا كَانَ هَكَذَا فَلاَ يَجُوزُ الْقَوْلُ بِهِ، وَمِنْ الْبَاطِلِ أَنْ يَهَبَ حُرَّةً، أَوْ أَمَةً غَيْرَهُ فَهِبَتُهُ فَاسِدَةٌ، وَالْفَسَادُ لاَ حُكْمَ لَهُ إِلاَّ بِإِبْطَالِهِ، وَالتَّوْبَةُ إلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْهُ فَصَحَّ الَّذِي قلنا وَبِاَللَّهِ تَعَالَى نَتَأَيَّدُ. وَمَنْ بَاعَ عَبْدَهُ وَلَهُ زَوْجَةٌ فَهِيَ زَوْجَتُهُ كَمَا كَانَتْ، وَمَنْ بَاعَ أَمَتَهُ وَلَهَا زَوْجٌ فَهِيَ زَوْجَتُهُ كَمَا كَانَتْ. وَقَدْ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ كَمَا رَوَيْنَا مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ مِقْسَمٍ قَالَ: سُئِلَ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ عَنْ الأَمَةِ تُبَاعُ وَلَهَا زَوْجٌ فَقَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ يَقُولُ: بَيْعُهَا طَلاَقُهَا وَيَتْلُو هَذِهِ الآيَةَ: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ النِّسَاءِ إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نَبَاتٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْبَصِيرِ، حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ الْخُشَنِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ النِّسَاءِ إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَوَاتُ الأَزْوَاجِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ}. وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ الْمُبَارَكِ بْنِ فَضَالَةَ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: بَيْعُهَا طَلاَقُهَا. أَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ الْخُشَنِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: بَيْعُ الأَمَةِ طَلاَقُهَا قَالَ أَنَسٌ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ النِّسَاءِ إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ قَالَ: ذَوَاتُ الْبُعُولِ. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: بَيْعُهَا طَلاَقُهَا. وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: بَيْعُ الأَمَةِ هُوَ طَلاَقُهَا. وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَنَا يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ الْحَسَنِ قَالَ: أَيُّهُمَا بِيعَ فَهُوَ طَلاَقٌ يَعْنِي: الْعَبْدَ مِنْ زَوْجَتِهِ، وَالأَمَةَ مِنْ زَوْجِهَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نَبَاتٍ، حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ الْخُشَنِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، أَنَّهُ قَالَ فِي الأَمَةِ: بَيْعُهَا طَلاَقُهَا يَعْنِي: مِنْ زَوْجِهَا، وَبَيْعُهُ طَلاَقُهَا يَعْنِي: مِنْ زَوْجَتِهِ. وَمِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: إذَا زَوَّجَ عَبْدَهُ مِنْ أَمَتِهِ فَالطَّلاَقُ بِيَدِ الْعَبْدِ، وَإِذَا اشْتَرَى أَمَةً وَلَهَا زَوْجٌ فَالطَّلاَقُ بِيَدِ الْمُشْتَرِي. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إنْ بِيعَتْ الأَمَةُ فَهُوَ طَلاَقُهَا مِنْ زَوْجِهَا، وَإِنْ بِيعَ الْعَبْدُ وَلَهُ زَوْجَةٌ لَمْ تَطْلُقْ بِذَلِكَ. كَمَا رَوَيْنَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ وَابْنِ أَبِي نَجِيحٍ قَالَ الزُّهْرِيُّ: عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ: عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالاَ جَمِيعًا: بَيْعُهَا طَلاَقُهَا، فَإِنْ بِيعَ الْعَبْدُ لَمْ تَطْلُقْ هِيَ حِينَئِذٍ. وَرَوَيْنَا عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّ الْعَبْدَ إذَا أَبْقَ وَلَهُ زَوْجَةٌ فَإِنَّهَا طَالِقٌ بِإِبَاقَةِ الْعَبْدِ رُوِّينَا ذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ: يُسْبَى أرنا مَنْصُورٌ عَنْ الْحَسَنِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: إبَاقُ الْعَبْدِ طَلاَقُهُ. وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ: إلَى قَوْلٍ آخَرَ، كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ إسْمَاعِيلَ بْنِ إِسْحَاقَ الْقَاضِي، حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: سَمِعْت أَبِي يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: وبه إلى إسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ غُنْدَرٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: قُلْت لِعَطَاءٍ: أَنْتَزِعُ أَمَتِي مِنْ عَبْدِ قَوْمٍ آخَرِينَ أَنْكَحْتهَا إيَّاهُ قَالَ: نَعَمْ، وَأَرْضِهِ، قُلْت: أَبَى إِلاَّ صَدَاقَهُ قَالَ: هُوَ لَهُ كُلُّهُ، فَإِنْ أَبَى فَانْتَزِعْهَا، إنْ شِئْت، وَمِنْ حُرٍّ أَنْكَحْتهَا إيَّاهُ ثُمَّ رَجَعَ عَطَاءٌ فَقَالَ: لاَ تَنْتَزِعْهَا مِنْ الْحُرِّ، وَإِنْ أَعْطَيْته الصَّدَاقَ فَلاَ تَسْتَخْدِمْهَا، وَلاَ تَبِعْهَا. وَذَهَبَ آخَرُونَ إلَى أَنَّ بَيْعَ الأَمَةِ لَيْسَ طَلاَقًا، وَأَنَّ بَيْعَ الْعَبْدِ أَوْ إبَاقَهُ لَيْسَ طَلاَقًا لِزَوْجَتِهِ، وَلاَ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَنْتَزِعَ أَمَتَهُ مِنْ عَبْدِهِ إذَا زَوَّجَهَا مِنْهُ: رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: أَنَّهُ لَيْسَ بَيْعُ الأَمَةِ طَلاَقًا لَهَا مِنْ زَوْجِهَا. وَصَحَّ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَنْ سَأَلَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: اشْتَرَيْت جَارِيَةً لَهَا زَوْجٌ أَفَأَطَؤُهَا فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ: أَتُرِيدُ أَنْ أُحِلَّ لَك الزِّنَا وَصَحَّ هَذَا أَيْضًا عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَعَنْ عُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ . وَبِهِ يَقُولُ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَأَبُو سُلَيْمَانَ، وَأَصْحَابُهُمْ. قال أبو محمد: احْتَجَّ مَنْ رَأَى بَيْعَهَا طَلاَقَهَا بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إنَّمَا عَنَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِذَلِكَ الْمَسْبِيَّاتِ خَاصَّةً. رُوِّينَا ذَلِكَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ مِنْ طَرِيقِ إبْرَاهِيمَ عَنْهُ، وَإِبْرَاهِيمُ لَمْ يُدْرِكْهُ، وَلاَ لَقِيَهُ، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ طَرِيقِ إسْرَائِيلَ بْنِ يُونُسَ وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَرُوِّينَا، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا: كُلُّ ذَاتِ زَوْجٍ عَلَيْك حَرَامٌ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ الْحِمَّانِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ عَنْ شَرِيكٍ وَهُوَ مُدَلِّسٌ. قال أبو محمد: أَمَّا مَنْ جَعَلَ بَيْعَ الأَمَةِ طَلاَقَهَا وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَأَمَّا مَنْ قَالَ: بَيْعُ الْعَبْدِ طَلاَقٌ لِزَوْجَتِهِ الأَمَةِ، فَلاَ نَعْلَمُ لَهُ شَيْئًا يَتَعَلَّقُ بِهِ فَسَقَطَ هَذَا الْقَوْلُ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. ثُمَّ نَظَرْنَا فِي الْمَسْبِيَّةِ مَعَ زَوْجِهَا، أَوْ دُونَهُ، أَوْ يُسْبَى هُوَ دُونَهَا، أَوْ خَرَجَتْ إلَى أَرْضِ الْمُسْلِمِينَ وَلَهَا زَوْجٌ فِي أَرْضِ الْحَرْبِ فَوَجَدْنَاهَا لاَ تَخْلُو مِنْ أَنْ تَكُونَ إذْ سُبِيَتْ، أَوْ خَرَجَتْ إلَى أَرْضِ الْمُسْلِمِينَ مُخْتَارَةً: بَقِيَتْ عَلَى دِينِهَا الْكِتَابِيِّ، أَوْ غَيْرِ الْكِتَابِيِّ، أَوْ أَسْلَمَتْ لاَ تَخْلُو ضَرُورَةً مِنْ أَحَدِ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ، وَلاَ ثَالِثَ هُنَالِكَ. فَإِنْ كَانَتْ لَمْ تُسْلِمْ فَقَدْ بَيَّنَّا فِي صَدْرِ كَلاَمِنَا فِي " النِّكَاحِ " مِنْ كِتَابِنَا هَذَا أَنَّ وَطْءَ الأَمَةِ الْكَافِرَةِ كِتَابِيَّةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَ كِتَابِيَّةٍ بِمِلْكِ الْيَمِينِ لاَ يَحِلُّ أَصْلاً فَأَغْنَى عَنْ إعَادَتِهِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ: إنَّ اخْتِلاَفَ الدَّارَيْنِ يَقْطَعُ عِصْمَةَ النِّكَاحِ، فَقَوْلٌ بَاطِلٌ فَاسِدٌ، لأََنَّهُ دَعْوَى مُجَرَّدَةٌ لَمْ يُؤَيِّدْهَا قَطُّ قُرْآنٌ، وَلاَ سُنَّةٌ وَقَدْ تَكَلَّمْنَا فِي صَدْرِ كِتَابِنَا هَذَا فِي الْخَبَرِ الْوَارِدِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ إذْ أَصَابُوا سَبَايَا أَوْطَاسٍ، فَتَحَرَّجُوا مِنْ غَشَيَانِهِنَّ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: قال أبو محمد: فَإِذَا أَسْلَمْنَ فَلاَ يَخْلَوْنَ ضَرُورَةً مِنْ أَنْ يَكُونَ زَوْجُ مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُنَّ سُبِيَ مَعَهَا أَوْ لَمْ يُسْبَ، بَلْ هُوَ فِي أَرْضِهِ، فَإِنْ كَانَ مَعَهَا أَوْ فِي أَرْضِهِ وَلَمْ يُسْلِمْ قَبْلَ إسْلاَمِهَا إنْ كَانَتْ كِتَابِيَّةً، أَوْ مَعَ إسْلاَمِهَا كَائِنًا مَا كَانَ دِينُهَا فَقَدْ انْفَسَخَ نِكَاحُهَا مِنْهُ عَلَى مَا نَذْكُرُ بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَإِذَا انْفَسَخَ نِكَاحُهَا بِإِسْلاَمِهَا دُونَ إسْلاَمِ زَوْجِهَا فَقَدْ حَلَّ فَرْجُهَا لِسَيِّدِهَا الْمُسْلِمِ حِينَئِذٍ: بِنَصِّ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ بِلاَ خِلاَفٍ، فَإِنْ أَسْلَمَ زَوْجُهَا مَعَ إسْلاَمِهَا كَائِنًا مَا كَانَ دِينُهَا، أَوْ أَسْلَمَ قَبْلَ إسْلاَمِهَا وَهِيَ كِتَابِيَّةٌ، فَهُمَا فِي كُلِّ مَا ذَكَرْنَا بَاقِيَانِ عَلَى زَوْجِيَّتِهِمَا، لِمَا ذَكَرْنَا: مِنْ أَنَّ كُلَّ نِكَاحٍ صَحَّ بِتَصْحِيحِ اللَّهِ تَعَالَى إيَّاهُ فَإِنَّهُ لاَ يَحِلُّ لأََحَدٍ فَسْخُهُ إِلاَّ بِنَصِّ قُرْآنٍ أَوْ سُنَّةٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَابِتَةٍ، وَلاَ سَبِيلَ إلَى وُجُودِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فِي فَسْخِ نِكَاحِ الْمَسْبِيَّةِ بَعْدَ إسْلاَمِهَا دُونَ إسْلاَمِ زَوْجِهَا فَقَطْ. وَقَدْ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إذَا سُبِيَ الزَّوْجَانِ فَهُمَا عَلَى نِكَاحِهِمَا حَتَّى يَخْرُجَا إلَى دَارِ الإِسْلاَمِ، فَإِذَا صَارَ فِيهَا انْفَسَخَ النِّكَاحُ وَهَذَا قَوْلُهُ أَوَّلُهُ صَحِيحٌ وَآخِرُهُ فِي غَايَةِ الْفَسَادِ، لأََنَّ اخْتِلاَفَ الدَّارَيْنِ لاَ يُحَرِّمُ نَسَبًا، وَلاَ يُحِلُّهُ. وقال مالك: إنْ جَاءَ أَهْلُ الْحَرْبِ بِسَبْيٍ فِيهِ زَوْجَانِ فَهُمَا عَلَى نِكَاحِهِمَا قال أبو محمد: كُلُّ قَوْلٍ مَا لَمْ يُؤَيِّدْهُ قُرْآنٌ، وَلاَ سُنَّةٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَابِتَةٌ فَهُوَ بَاطِلٌ بِيَقِينٍ لاَ شَكَّ فِيهِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
|